الصحة النفسية

كيف أتخلص من الهشاشة النفسية؟

Jan 11 2024

في حين أن أشياء كثيرة تساهم في الهشاشة النفسية لكن عاداتك هي التي تحافظ عليها أكثر من غيرها، وسنذكر في هذا المقال بعض العادات التي غالبًا ما تكون مؤشرات على الهشاشة النفسية، التي إذا تعلمت كيفية التعرف عليها والعمل من خلالها من الممكن أن تصبح أكثر مرونة في مواجهة المشاعر والحالات المزاجية المؤلمة.


ما هي الهشاشة النفسية؟ 

الهشاشة النفسية، هي الميل إلى الشعور بالمشاعر الصعبة بسهولة، والسماح لها بالتأثير الكبير على الحياة، وهي عكس المرونة تمامًا، وكمثال على ذلك:


  • نوبة صغيرة من القلق في الصباح تتحول إلى يوم كامل من القلق والتوتر والذعر.
  • نقد بسيط من أحد الأشخاص من حولك يتحول إلى ساعات من الشك الذاتي والكوارث.
  • أي تصرف بسيط من الآخرين لم يعجبك يؤدي إلى شعورك بالغضب لأيام.

كيف تتعرف على الهشاشة النفسية؟ وما طرق التعامل معها؟  

هناك العديد من الطرائق للتعرف على الهشاشة النفسية، من ضمنها: 


الخوض في الماضي

التفكير في الماضي، هو الجانب الآخر من القلق بشأن المستقبل، وعندما تذكر نفسك بشكل معتاد بإخفاقاتك وأخطائك التي ارتكبتها في الماضي؛ فإنك تدرب عقلك على الحصول على رؤية خاطئة، وتلغي ثقتك في قدراتك الحالية، وهذا يجعلك هشًا نفسيًا، إذ أن العيش في الماضي يعني عدم القدرة على العيش بشكل كامل في الوقت الحاضر.

بالطبع من المهم التفكير في أخطائنا السابقة والتعلم منها، وقد ذكرت دراسة (2017 ,.Nelson et al) نُشرت في مجلة صنع القرار السلوكي، أنه لا يجب عليك محاولة التخلص من الشعور بالسوء بعد الفشل، واكتشف الباحثون أن التفكير في مشاعرك (بدلًا من الفشل نفسه)، هو الأكثر فائدة، لكن هذا شيء مختلف تمامًا عن خسارة نفسك عن طريق النقد الذاتي للماضي وأخطائك فيه، لذلك تقبل إخفاقاتك السابقة، وتعلم منها إذا استطعت ثم تشجع على إطلاقها، وامض إلى حياتك في المستقبل. 


انتقاد نفسك بسبب شعورك بالسوء

من المفارقات المحزنة أن العديد من الأشخاص اللطفاء والأكثر تعاطفًا، ينتقدون أنفسهم بشكل لا يصدق، ويحكمون على أنفسهم بالسوء إذا كانوا في حالة مزاجية سيئة، ما يؤدي إلى الهشاشة النفسية. لذلك، في المرة القادمة التي تجد فيها نفسك في مزاج سيء، جرب القليل من التعاطف مع الذات قبل أن تقفز إلى الحكم الذاتي. 


محاولة إصلاح المشاعر المؤلمة

إنه أمر غير منطقي، ولكن محاولة إصلاح المشاعر المؤلمة أو التخلص منها، تجعلك أكثر عرضة لها على المدى الطويل؛ فعندما يراك عقلك تحاول التخلص من شيء ما أو الهروب منه؛ فإنه يبدأ في اعتبار هذا الشيء تهديدًا، وعندما يعتقد عقلك أن شيئًا ما يمثل تهديدًا، فإنه يدفعك للخوف منه، لذلك عندما تتجنب عادة أو تحاول إصلاح المشاعر المؤلمة، فإنك تدرب عقلك على القلق من مشاعرك، وهذا يجعلك هشًا نفسيًا.

عندما تتعامل مع مشاعرك على أنها مشكلات، ستبدأ في النهاية في الشعور وكأنك إحداها، والحل هنا، هو تعلم الاقتراب من مشاعرك (حتى المشاعر المؤلمة)، والترحيب بها؛ لأنه عندما تفعل ذلك، فإنك تعلم عقلك أنه على الرغم من أن المشاعر المؤلمة مثل: القلق أو الحزن تشعرك بالسوء، إلا أنها ليست أشياء سيئة، وأنت لست سيئًا عندما تشعر بها، وأن قبول كل المشاعر هو جوهر القوة العاطفية. 


استخدام الآخرين للشعور بالرضا

عادةً ما نبحث عن الراحة والدعم من الآخرين عندما نشعر بالضيق أو السوء، وصحيح أنه من الجيد أن تحيط نفسك بالناس الداعمين والمشجعين، لكن المشكلة عندما تعتمد على أشخاص آخرين ليشعرونك أنك بخير، فإذا كنت معتادًا على البحث باستمرار عن الطمأنينة والاستعانة بمصادر خارجية للسيطرة على مشاعرك المؤلمة، فأنت تخبر عقلك أنك لست قادرًا على التعامل مع تلك المشاعر الصعبة بنفسك، وهذا يجعلك هشًا عاطفيًا.

يمكن للأشخاص الأقوياء عاطفيًا طلب المساعدة والدعم للتغلب على الصعوبات العاطفية، لكن إذا كان الآخرون هم استراتيجيتك الكاملة للتعامل مع هذه الصعوبات، فستكون عالقًا في فخ الهشاشة النفسية.


الضياع في القلق

القلق المزمن يجعلك هشًا نفسيًا؛ لأنه يقتل ثقتك بنفسك، وكمثال على ذلك: فكر كيف تكون ثقتنا كبشر قليلة في قائد كان قلقًا باستمرار بشأن كل شيء سيء قد يحدث، ما يُصيبنا بالقلق حيال عدم قدرته على التعامل مع الصعوبات في المستقبل، وهذا ينطبق على ما تفعله بنفسك عندما تسمح لعقلك أن يضيع في قلق مزمن؛ فالقلق يدرب عقلك على الاعتقاد بأنّ هناك أشياء فظيعة قادمة. والأسوأ من ذلك، أنك لن تكون قادرًا على التعامل معها.

إذا أردت أن تكون أقوى عاطفيًا، فخصص وقتًا للتخطيط بعناية وحل المشكلات للتهديدات الواقعية في المستقبل، لكن خارج ذلك، قاوم الرغبة في اتباع مخاوفك غير المنتجة التي تراودك وتقتل الثقة. 


محاولتك أن تبقى سعيدًا دائمًا

يحب الجميع الشعور بالسعادة، لكن من الخطأ أن تفترض أنه عليك الشعور دائمًا بهذه الطريقة أو حتى تطمح إلى الشعور بالسعادة دائمًا، والسبب الواضح والمباشر، هو أن المشاعر السيئة (مثل: الشعور بالحزن والغضب والخوف)، هي جزء طبيعي من التجربة الإنسانية، وحتى لو لم تحبهم، لكن عندما تصر على الشعور دائمًا بالرضا والسعادة؛ فإنك تبطل الشعور بالسوء، وعندما تكون معتادًا على إبطال مشاعرك المؤلمة ينتهي بك الأمر بالشعور بالبؤس أكثر فأكثر؛ فالإصرار على أنك يجب أن تشعر دائمًا بالسعادة أكثر مما أنت عليه، هو طريقة رائعة للشعور دائمًا بأسوأ مما ينبغي.

ومن المفارقات أن محاولة الشعور بالرضا طوال الوقت، هي وصفة للهشاشة النفسية والمعاناة. من ناحية أخرى، عندما تتقبل ألمك العاطفي وتعاستك؛ فإن ذلك يؤدي إلى قوة عاطفية، وفي النهاية مستويات أكبر من السعادة (أو على الأقل، نوبات أقل تكرارًا من التعاسة)، والأمر هنا لا يتعلق بالشعور بالرضا أو السوء إنما يتعلق بعلاقة صحية مع ما تشعر به.


عدم فرض حدودك

تعتمد الذات الصحية والواثقة والقوية على حدود صحية. من ناحية أخرى؛ فإن الهشاشة النفسية أمر مفروغ منه إذا فشلت في وضع حدود جيدة أو رفضت فرضها، فوضع حدود صحية أمر صعب، وفرضها أصعب إذا خفت من انزعاج الناس أو شعرت بالإحراج أو التردد أو الشك في الذات، لكن الصحيح هو أن وضع الحدود الجيدة وفرضها علامة على احترام الذات، لكن عندما لا تضع حدودًا جيدة (أو تفشل في فرضها وهو أسوأ من ذلك)، فأنت تخبر نفسك بشكل أساسي أنك لا تحترمها، ومن الصعب بناء القوة العاطفية دون احترام الذات.

  أظهرت الدراسات (Doré. 2017) أن احترام الذات هو موقف أساسي لبناء الشخصية والتوازن النفسي، بالإضافة إلى أنه مسؤول عن عمليات التكيف على مدى الحياة، فإذا أردت أن تصبح أقل هشاشة نفسيًا تحلى بالشجاعة للدفاع عن نفسك من خلال فرض حدودك. 

إذا كنت تسعى إلى تقبل الهشاشة النفسية والتخلص منها عن طريق تحسين مرونتك بأفضل صورة ممكنة، حمل تطبيق تطمين وتواصل مع المختصين لتعرف المزيد من أساليب تعزيز هذه المرونة.


حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية والأسرية.



المراجع  

1- Noelle Nelson, et al. “Emotions Know Best: The Advantage of Emotional versus Cognitive Responses to Failure”. Journal of Behavioral Decision Making First published: 08 September 2017. https://doi.org/10.1002/bdm.2042

2- Christina Doré.“[Self esteem : concept analysis]”. Rech Soins Infirm. 2017 Jun;(129):18-26. doi: 10.3917/rsi.129.0018.

3- 7 Signs of Emotionally Fragile People ,nickwignall.medium.com, retrieved 10/ 9/ 2023.

4- How to Cope With Emotional Fragility, www.psychologytoday.com, retrieved 10/ 9/ 2023.


0

Related articles

هل أنا شخص انطوائي؟

جميعنا نشعر أحيانًا برغبة في الانعزال عن العالم المحيط بنا والابتعاد عن الجميع لتخفيف الضغوط التي نعاني منها، ويعتبر هذا التصرف طبيعيًا، فنحن جميعًا نحتاج لوقت مع ذاتنا بين الفترة والأخرى لمراجعة الأحداث المهمة التي جرت في الماضي والتخطيط للمستقبل، لكن الرغبة في الانعزال والانطواء من الممكن أن تزداد بشكل كبير عند بعض الأشخاص بشكل يدفعهم للهروب الدائم من مواجهة الآخرين ويؤثر على كافة تفاصيل حياتهم.

Jan 12 2024

كيف يمكنك التعامل مع فقدان الشغف والاهتمام؟

من الطبيعي أن نشعر في بعض الأحيان بالملل وفقدان الشغف تجاه النشاطات التي اعتدنا القيام بها، لكن الأمر قد يتطور في أحيان أخرى لحالة عامة من فقدان الشغف والاهتمام بشكل يؤثر على نوعية الحياة والعلاقات الشخصية والاجتماعية.

Jan 12 2024

لماذا أشعر بالحزن بلا سبب؟

لماذا أشعر بالحزن بلا سبب؟ هذا سؤال محير، فالحزن بطبيعته له أسباب واضحة في حالات كثيرة، لكن هناك حالات يشعر فيها الإنسان بالحزن وقد يصل لحد البكاء والاكتئاب لكن بدون سبب واضح، وقد يظل يفكر ويبحث عن الأسباب التي أدت به إلى هذه الحالة ليصل في النهاية أنه لا يوجد سبب مباشر لمشاعره الحزينة ويظن أن حزنه بلا سبب وبكائه بلا هدف، مما قد يعقد المشكلة ويفقده الثقة في نفسه وفي أحاسيسه، لكن علم النفس له رأي آخر في تفسير هذه الحالة النفسية شديدة الحساسية وهذا ما سوف يوضحه المقال التالي.

Jan 12 2024

الشعور بالضيق والاكتئاب بدون سبب

الشعور بالضيق والاكتئاب بدون سبب عبارة عن مشاعر سلبية تهاجمك فجأة وتسبب اضطرابات نفسية ومزاجية حادة إما أن تكون مؤقتة تنتهي بانتهاء المسبب لها أو تستمر لفترة طويلة لتتحول لاكتئاب شديد، إذن فإن التقرير التالي مُعد خصيصًا لإلقاء الضوء على هذه المشكلة المتكررة للتعرف على أسبابها وكيفية علاجها للوقاية من أعراض جانبية يمكن أن تنتج عنها.

Jan 12 2024

الشعور بالنقص

الشعور بالنقص أو الدونية هي مشاعر طبيعية يعاني منها الكثير من الناس، يعتبرها الاطباء أمراً صحيًا إذا تسببت هذه المشاعر في توجه الشخص نحو تطوير ذاته ومهاراته وعلاج مشكلاته، لكنها تتحول لمشكلة تستحق العلاج إذا أصبح الشخص كارهًا لغيره وظهرت عليه ميولاً عدوانية وتخريبية، حيث يتحول لشخص حزين مكتئب يرفض نجاح الآخرين ويحاول عرقلتهم لأنه يشعر أنه أقل منهم.

Jan 12 2024

كيف أتخلص من الحساسية المفرطة؟

من الطبيعي أن نتعامل مع المواقف والأحداث بحساسية ونتأثر من أصغر التصرفات المحيطة بنا، لكن أحيانًا قد تزيد الأمور عن حدها، وتتحول من حساسية عادية موجودة عند الجميع إلى فرط حساسية يؤثر على حياتك وتعاملك مع غيرك وعلى أدق تفاصيل حياتك اليومية.

Jan 12 2024

All Rights Reserved. Tatmeen © 2024

All the medical information contained on the Tatmeen website aims to increase health awareness, and does not replace the need to consult a specialist.

App StoreGoogle Play

Licensed platform by the Saudi Ministry of Health

تطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين