الصحة النفسية عند النساء
Jan 6 2024
كل تضحية تقدمها الأم لطفلها من بداية مراحل حملها إلى أن تضع تكون ملتبسة بمشاعر التهديد الذاتي، والتي تظهر بصورة الخوف من فقدان الطموحات، الأحلام، الممارسات اليومية، وعقدة تأنيب الضمير في كونها لا تقوم بدورها الأموميّ بالشكل الكافي والمطلوب. كما أن اختيار بعض النساء تأجيل كل الخطط والمشاريع المستقبلية، فهذا النمط من النساء لا يرتحنَ سيجدن عقلهنّ في هوس دائم بشأن الدرب الذي أهملن اختياره، وسيقحمن أنفسهنّ في دوّامات من المقارنة مع قريناتهنّ، لدرجة قد يشعرن أنهنّ يربّين خيباتهنّ الناتجة عن التخلي كما يربّين أطفالهنّ كما تقول شافاك.
هذا الصراع قدمته الكاتبة أليف شافاك في روايتها حليب أسود، والتي شهدت رواجًا كبيرًا لدى الأمهات الجدد، والتي قدمت فيها تجربة إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة، بأخذ القارئ في رحلة بخطيّْن متوازيين. تروي فيها بصورة مرتبكة وواضحة في الوقت ذاته، صراعها مع الأمومة، ورحلة الكتابة، وعالم الكتب، في خطوات نضالية حثيثة لإقامة توازن بين كلا الدورين. تنجح أحيانًا وعندما تفشل تقول: "لا أريد الشعور بغرائز الأمومة، ولا أن أنجب أطفالًا، أريد أن أمسي كاتبة وحسب، ذاك كل ما أسعى عليه"".
المزيد من التركيز والوقت والاهتمام، هذا ما على النساء منحه لأطفالهنّ حين يقررن تلبية نداءات الأمومة، والذي يكون عادةً مصحوبًا بالتخلّي عن ممارسة العديد من الطقوس اليومية التي كنّ يستعين بها قبل أن يصبحن أمهات. خذي مثلًا شرب القهوة، أو الخروج في رحلة تسوق مع الصديقات، أو الجلوس وحيدة دون أي عمل للقيام به.
بعض النساء عند اتخاذهن قرار الأمومة والحمل تتشكل لديهن العديد من المشاعر التي تمثل الجانب المظلم من الأمومة منها:
في أن تفقد هذه المرأة كل ما تحبّ، وأن تتورط في تدوير أعمال الأمومة اليومية، سببًا كافيًا عند البعض لتشكلّ عُقدة الحمل والأمومة.
قد لا تكون هناك أيّ من الأسباب المذكورة سابقًا، فلا يوجد سبب محدد لكراهية الحمل والأمومة، بعض النساء لا تستمتع بهذه التجربة، هكذا ببساطة.
فهذا النمط من النساء لا يرتحنَ سيجدن عقلهنّ في هوس دائم بشأن الدرب الذي أهملن اختياره، وسيقحمن أنفسهنّ في دوّامات من المقارنة مع قريناتهنّ، لدرجة قد يشعرن أنهنّ يربّين خيباتهنّ الناتجة عن التخلي كما يربّين أطفالهنّ كما تقول شافاك.
يقول الطبيب تيسكون: "لا حرج في وجود رد فعل واقعي لواقع شديد". الحمل تجربة تعيشها كل أنثى، لكنها ليست ساحرة، ولا خلاّبة، وهذا أمر طبيعي جدًا. فهي بالتأكيد تجربة خاصة وفريدةـ وكونها مصحوبة بتحولات شديدة على المستوى الجسدي والعقلي والعاطفي، فإما يتم الاعتراف، وتقبل هذه المشاعر، أو الشعور بالعزلة والذنب.
قدمي لذاتك الرعاية اللطيفة على المستوى الجسدي والعاطفي، أعطي لنفسك الأولوية، وامنحيها الرفاهية الشخصية، وافعلي كل ما يمكن أن يجعل مشاعرك أكثر إيجابيّة، كلقاء الأصدقاء، وممارسة الهوايات وغيرها.
إذا قالت امرأة ما بأن شعورها في الحمل كان رائعًا، فلا تجعلي مشاعر الذنب تمتد لك. تخشى العديد من النساء مناقشة مشاعرهن الصادقة خوفًا من أن يُحكم عليها من قبل الآخرين على أنهن "أمهات سيئات"، إذا شئت اعترفي، وإذا لم ترغبِ، فلا تقومي بفعل ذلك، افعلي ما تجدينه مناسبًا.
لا تقارني تجربة حملك مع تجارب أخرى لأنها مختلفة عن الآخرين، فهي تجربة شخصية بامتياز، الشعور بالتعب والإرهاق والأعراض الجسدية، والتحولات العاطفية تختلف بالتأكيد من امرأة لأخرى. ركزي على تجربتك فقط، مهما تشابهت وتقاطعت مع نساء أخريات، فهي لا زالت خاصة في سرديتها والمشاعر التي تحملها.
ضعي توقعات معقولة لنفسك أثناء الحمل، من المحتمل أن تكوني أكثر إرهاقًا وامتلاءً. لا تدعي التوقعات المثالية والسلبية تسيطر على حياتك، كل ما تمرين به هو طبيعي جدًا.
طريق الأمومة طريق معبد بالتضحيات والتنازلات، وتصاحبه مشاعر صاخبة وكبيرة ما بين تقبل هذه الأمومة أو رفضها لما ترتبه من إرهاق وألم جسدي و الم نفسي. ما على النساء فعله هو أن تدرك بأن أية مشاعر تشعرها تجاه الأمومة والحمل هي مشاعر طبيعية ومشروعة، وحتى تتمكن من استيعابها وإدراكها عليها الاعتراف بها والتعامل معها على أنها مشاعر طبيعية خلال هذه المرحلة، ولا تجعل للذنب مكانا في نفسها.
0