في أحد أيام شهر رمضان المبارك، جاءتني شابة عزباء في مقتبل العمر تشكو من آلام في الرأس وسرعة في الغضب وتدنّ في المزاج وصعوبات في النوم منذ أسبوعين، وعند التقييم الشامل لحالتها تبيّن أنها تتناول حبوب منع الحمل بهدف تغييب الدورة الشهرية وإتمامها صوم الشهر الكريم كاملا كما تفعل الكثير من النساء في بلادنا. سنبحث في هذا المقال أثر العلاجات الهرمونية كحبوب منع الحمل تلك، وعلاجات الإنجاب التي تضطر بعض النساء لتلقيها حين يتعسر الحمل بشكل طبيعي، على الصحة النفسية لتلك النساء.
هل فعلا حبوب منع الحمل تسبب أعراض الاكتئاب؟
- إن حبوب منع الحمل سيئة السمعة من حيث تسببها بزيادة الوزن، لكن الأبحاث تشير إلى أن ذلك ليس السبب الوحيد الذي يجعل الكثير من النساء يستبدلنها بوسائل أخرى لمنع الحمل. حيث تظهر الأدلة أن كلا من الاستروجين والبروجسترون -واللذين تتكون منهما تلك الحبوب- يؤثران على الدماغ، الشيئ الذي قد يفسر التغيرات المزاجية السلبية أو الزيادة في أعراض الاكتئاب التي يتم الشكوى منها بشكل شائع من قبل النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل، دون تبيان واضح للآلية الكامنة وراء ذلك.
- في عام 2002 نُشرت مراجعة ل 13 دراسة تبحث في العلاقة بين الحالة المزاجية واستخدام حبوب منع الحمل. وجدت 12 دراسة منها اختلافات في مزاج من يستخدمن حبوب منع الحمل بمقارنة مع غيرهن من غير المستخدمات. وفي أستراليا جدت دراسة تجريبية أخرى كانت قد شملت 58 امرأة أن مستخدمات حبوب منع الحمل الجدد لديهن معدلات اكتئاب أعلى من غير المستخدمات. كما أجريت دراسة كبيرة في الدنمارك شملت أكثر من مليون امرأة، وأظهرت أن هناك ارتفاعا في تشخيص الاكتئاب للمرة الاولى وستخدام مضادات الاكتئاب، بين مستخدمات الأنواع المختلفة من حبوب منع الحمل.
-
ما هو دور الأطباء والعاملين في مجال الصحة بشأن حبوب منع الحمل؟
- بما أن هناك روابط واضحة بين الاكتئاب واستخدام بعض وسائل منع الحمل، وجب توخي الحذر عند النساء اللواتي لديهن تاريخ شخصي أو عائلي لاضطراب الاكتئاب. كما يجب على الأطباء مناقشة الصحة النفسية للمرأة بتفصيل وعناية، وملاحظة أي تاريخ سابق لعسر المزاج ما قبل الحيض أو تغيرات مزاجية سابقة مرتبطة بوسائل منع الحمل.
- من المهم الانتباه إلى ما تذكره النساء عن العلاقة الزمنية الواضحة بين بدء استخدام موانع الحمل الهرمونية وتطور اضطرابات مزاجية جديدة أو تفاقم تلك الموجودة سابقا. في مثل هذه الحالات، يعد نقاش الأنواع المختلفة من موانع الحمل، أمرا مهما لضمان الصحة النفسية للمريضة.
-
ما الأثر النفسي لتقنيات الإنجاب المساعدة؟
- وجد أن النساء اللواتي يعانين من مشاكل في االإنجاب يحملن عبئا نفسيا مرهقًا للغاية. قد تزيد تقنيات الإنجاب المساعدة من الضائقة النفسية لدى النساء اللواتي يخضعن لهذه الخيارات العلاجية. يمكن تفسير عواقب الصحة النفسية جزئيًا من خلال الضغوطات الناشئة عن الرغبة في الأمومة والضغط الاجتماعي المرتبط بتأخر الإنجاب، وكذلك من خلال العوامل البيولوجية لمحفزات التبويض ومثبتات الحمل. هناك العديد من الآثار النفسية المزعجة لتلك العلاجات، أكثرها شيوعا اضطرابات المزاج.
- قد تحدد التغيرات الهرمونية وسحب هرمون الاستروجين المستخدمة في تقنيات الإخصاب تلك زيادة تعرض النساء للاكتئاب، بالإضافة إلى تفاقم الأعراض الذهانية، وزيادة خطر الانتكاسات المرضية وزيادة الاحتياجات من جرعات مضادات الذهان للمريضات السابقات.
- لقد بحثت العديد من الدراسات في معدلات انتشار الاضطرابات النفسية لدى النساء اللواتي يخضعن لعلاجات الإنجاب، فوجد الباحثون أن انتشار اضطرابات المزاج يصل الى 26٪ عند النساء، مؤكدين على أن الاكتئاب الشديد هو التشخيص الأكثر شيوعًا.
-
ما الذي يمكن تقديمه للسيدات الخاضعات لتلك العلاجات؟
بناء على ما سبق، نشير الى أهمية توفير دعم نفسي زوجي وعائلي للسيدات الخاضعات لعلاج الخصوبة والإنجاب، وان اقتضت الضرورة، وجب توفير مواكبة علاجية نفسية متخصصة للسيدات المتأثرات بسبب العلاج الهرموني للانجاب.