الحب
Jan 1 2024
فلنتقبل الأطفال كما نتقبل الأشجار — بامتنان، لأنهم نعمة — لكن لا تكن لك توقعات أو رغبات. فأنت لا تتوقع من الأشجار أن تتغير، أنت تحبهم كما هم.
— إيزابيل ألاند
الزوجات يتلهفن له بشوق من أزواجهم، الآباء يطلبونه من أبنائهم. الأصدقاء يدعون له لترميم صداقاتهم المنتهية. من منا لا يريد حبا غير مشروط؟
ما هو الحب غير المشروط؟ إنه الحب الذي يدوم رغم كل المشاكل، الإساءات، الخلافات والصعوبات التي قد تنشأ. الحب الذي لا يطلب شيئا بالمقابل، ولا يتوقف أبدا، مهما كان.
هل الحب غير المشروط حقيقي؟ هل يمكن بلوغه؟ هل هو لبنة أساسية لزواج ناجح؟ هل هو حاجة بشرية طبيعية؟
أم ببساطة خرافة أسطورية؟
إنه يبدو كحاجة بيولوجية مغروسة في الطبيعة البشرية. نتلهف له، لكن لا يبدو أننا نعثر عليه. هل المشكل في العثور على الشخص المناسب؟ أو القيام بالشيء المناسب؟ هل الأشخاص الناضجون عاطفيا هم وحدهم القادرون على منحه؟ هل هو ضروري من أجل علاقة عاطفية أو زواج متين؟
صدق أو لا تصدق، كل هذه الأسئلة تحتمل إجابات، وهي إجابات بسيطة ومباشرة.
لكن أولا، لنر نتائج دراسة مثيرة للاهتمام.
في عام 2009، قام عالم أعصاب يدعى Beauregard، باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي لمراقبة مناطق الدماغ التي تنشط في حالة الحب الغير مشروط مقارنة بالحب الرومانسي. اكتشف أن الحب الغير مشروط ينشط 7 مناطق من الدماغ، وهو نشاط مختلف عما لوحظ في حالة الحب الرومانسي أو الغريزي. Beauregard خلص إلى أن الحب غير مشروط شعور مختلف تماما عن الحب الرومانسي.
دراسة Beauregard تعطي دلائل عصبية لما هو معروف عند مختصي علاج الأزواج في كل مكان: الحب غير المشروط لا مكان له في الزواج.
لم لا يجب علينا توقعه من زوجنا أو زوجتنا؟ لسببين. أولا، لأنه مستحيل لدى أغلب البشر. ثانيا، حتى لو استطاع شخص بلوغه من أجل زوجه أو زوجته، سيكون غير صحي للطرفين معا وللعلاقة نفسها.
تخيل زوجا يستمر في حب زوجته رغم أنها تخونه باستمرار، وتجرحه مرار وتكرارا. ما هو الحافز الذي سيحملها على التوقف عن إيذائه؟ في الحقيقة، لا يوجد. هذه العلاقة المختلة المؤلمة يمكن أن تستمر للأبد، دون رادع. لأن الزوج لا يملك حدا أدنى لما يمكنه القبول به: لا حدود لما يمكن أن يتحمله، وزوجته تعلم هذا.
عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الرومانسية أو الزواج، يجب علينا جميعا أن نعمل من أجل الحب الذي نتلقاه. الحب غير المكتسب (ما عدا حب الأبوين) غير حقيقي، ليس قويا، ولا متينا. الحب المشروط معبر لأنه مكتسب، ثمين، ذو قيمة ومحمي من كلا الطرفين.
إذا لم يكن لديك حد أدنى في علاقاتك، احتمال كبير أنك ستجد نفسك في الحد الأدنى. سوف تتلقى ما ترغب في تقبله.
إذا، إلى أين ينتمي الحب غير المشروط؟
في الحقيقة، إنه ينتمي لنوع معين من العلاقات، ويكون في اتجاه واحد فقط.
يتعلق الأمر بعلاقة الأب/الأم للطفل: ولا يصح في الاتجاه المعاكس. إنه واجب الأب/الأم ليحب طفله حبا غير مشروط. لكن الآباء عليهم أن يستحقوا حب أطفالهم لهم. هذا ما يجعل الأمومة/الأبوة تتطلب نكرانا للذات مميزا عن أي نوع من العلاقات الموجودة في العالم.
لذلك، مبدئيا، نحن مجبولون فطريا على احتياج الحب غير المشروط، لكن يمكننا الحصول عليه في مكان واحد فقط: من أبوينا. وللأسف، إذا لم نشعر بحب غير مشروط من أبوينا في الطفولة، سوف نكبر لنشعر بالوحدة بطريقة ما، على مستوى ما. وسنشعر بطريقة أخرى، على مستوى آخر بأننا محرومون.
الأشخاص الذين كبروا دون حب غير مشروط من والديهم سيكبرون بإهمال عاطفي من الطفولة. إضافة إلى الشعور بالوحدة والحرمان، إذا كان حب أحد الأبوين مشروطا بشكل كبير، قد يكبر الطفل ليصاب بالاكتئاب، القلق المرضي، أو أحد اضطرابات الشخصية.
العديد من الأشخاص الذين يكبرون دون حب غير مشروط سيميلون، لأسباب خارجة عن إرادتهم، للبحث عن هذا الحب المفقود في كل الأماكن غير المناسبة: من الأصدقاء أو الأزواج. لقد رأيت العديد من الأشخاص يستمرون في البحث لعدة سنوات عن هذا الشيء المميز الذي لم يحصلوا عليه في طفولتهم. لسوء الحظ، يبحثون عنه في الأشخاص غير المناسبين، بالطرق غير المناسبة، غير واعين أنه يمكنهم، ويجب عليهم أن يمنحوه لأنفسهم بأنفسهم.
الحب غير المشروط – دليل موجز
-أحب طفلك مهما كان.
-باستثناء أطفالك، كن حذرا من منح حبك بشكل مجاني.
-تذكر أن الحب الرومانسي المستحق هو أقوى أنواع الحب. فليكن لديك حد أدنى لم تقبل به في علاقاتك.
-تأكد من أنك تستحق الأشخاص الذين وثقوا بك بما يكفي ليمنحوك حبهم.
-الحب رقيق وقيم. تعامل معه بلطف وقم بحمايته.
-لا تشعر بالضغط لتحب أبويك مهما كان. نعم، هم يستحقون مجالا أكبر من أي شخص آخر في حياتك. لكن ليس من واجبك حبهم مهما يكن ما فعلوه لأجلك.
-اعلم أنه إذا لم تتلق حبا غير مشروط من أبويك، فلم يفت الأوان بعد. يمكنك منحه لنفسك الآن، في سن البلوغ.
الكاتب: Dr. Jonice Webb
المصور: Roman Kraft
2