العلاقات الزوجية
Jan 8 2024
يُعد البحث عن أسباب الخيانة الزوجية من أكثر ما يشغل بال علماء الاجتماع والدين والمهتمين بالتفسيرات النفسية لسلوك البشر في الأعوام الأخيرة، ذلك بعد ملاحظة زيادة كبيرة بل يمكن وصفها بالطفرة في ارتفاع معدلات الخيانة الزوجية، والتي تَلقِي بظلالها السلبية على بنية المجتمع، ونمو العلاقات الموجودة به بشكل طبيعي.
بالطبع هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الخيانة، ولكننا نود التأكيد في البداية أن تلك الأسباب لا يمكن بحال من الأحوال اعتبارها تبريرًا لارتكاب ذلك الفعل المشين، لكنها تُعد المُبَرِر الذي يَعتقد الشخص الخائن أن حله يكمن في خيانة الطرف الآخر.
بمعنى أوضح وقول فصل، لا يوجد مبرر أبدًا للخيانة أيًا ما كانت الأحوال، فبالنهاية، هي فعل غير أخلاقي ويشين أصحابه، فضلاً عن كونه مرفوضًا من كافة الأديان السماوية.
لذا إن كنت تريد معرفة كل ما يتعلق بالخيانة الزوجية ولماذا يخون الأزواج بعضهم فتابع السطور القادمة.
يُعد مصطلح الخيانة الزوجية من المصطلحات الفضفاضة بعض الشيء، والتي لا يمكن الوصول لتعريف محدد لها، فالبعض يُفسرها بأنها أي علاقة بها انجذاب عاطفي من أحد الشريكين تجاه فرد آخر غير الشريك، ويَرى البعض أن أي علاقة لا تُعد خيانة مادامت لا تصل إلى حد الخيانة الجنسية.
وإجمالاً يمكننا القول بأن الخيانة هي أي سلوك خاص يصدر منك تجاه الجنس الآخر وتخشى أن يعرفه الشريك، والكلام هنا عن الزوج أو الزوجة على حد سواء.
هناك بعض العوامل والأسباب التي يذكرها الخائنون سواء من الذكور او الإناث ويجدون أن وجودها هو السبب الذي دفعهم لخيانة الشريك، ومن تلك الأسباب:
على الرغم من عزوف الكثيرين من الاعتراف بذلك السبب بشكل واضح -خاصة من النساء- إلا أن العلاقة الحميمية السليمة هي أحد المؤشرات القوية لعلاقة زوجية صحية.
فمن أهم علامات العلاقة الزوجية هي تلك العلاقة التي فرضها الله وخلقها كفطرة غريزية بداخل البشر، لذا فإن عدم إشباع تلك العلاقة بشكل سليم قد يدفع البعض إلى البحث عن وسيلة أخرى لإشباعها، ولذا يعتبر الخلل الجنسي من أقوي أسباب الخيانة الزوجية.
للأسف ترى الكثير من المجتمعات العربية أن إظهار الحب من الرجل ضعف، وأن إظهار الحب من الأنثى دليل على افتقارها للحياء، هكذا نتربى بصورة غير واعية.
وبسبب أسلوب التربية الخاطئ يكبر الزوجين لتنسحب تلك المفاهيم على علاقتهم الزوجية، ويتناسون أن الإشباع العاطفي هامٌ وضروريٌ لحياة نفسية سليمة وبالطبع لحياة زوجية صحيحة.
تَفرض الحياة اليومية الكثير من الروتين اليومي من القيام بالأعمال والالتزام بالمسؤوليات وغيره من شئون الأسرة، لذا وبعد مرور بعض السنوات يمكن أن يحدث إهمال من أحد الطرفين تجاه الآخر، فترى الأب مشغولاً بالعمل والأم مشغولة بالمنزل وتربية الأولاد، ومن ثم قد يتفاجأ كل من الزوجين بأن الآخر يهمله تمامًا ولا يجعله من ضمن أولوياته.
لأن الحياة الزوجية حياة كاملة، فلا بد من وجود مستوى مقبول من التوافق في كافة مناحي الحياة، فكم من زوج يشتكي أنه عندما يناقش زوجته في أي من الأمور العامة لا يجدها تفهم ما يقوله، وكم زوجة تشكو عدم قدرة زوجها على فهمها.
ونحن هنا لا نتكلم عن الاختلافات المعروفة بين الجنسين، لكننا نتحدث عن اكتشاف أن كلا لزوجين من عالمين منفصلين، ومن ثم يبدأ الندم على الارتباط بالشريك، ومن ثم الانجذاب لآخر يعتقد أنه أكثر ملائمةً.
على الرغم من شرط الموافقة التي تفرضه كل الشرائع السماوية -وحتى الأعراف الإنسانية- إلا أن الزواج بالإكراه حفاظًا على أملاك العائلة، أو بسبب تهديد الوالدين بالغضب على الابن أو الابنة ما زال يُعد من أشهر أسباب الخيانة الزوجية، حيث يُسبب نفورًا من الشريك بسبب عدم وجود أي توافق عاطفي، ومن ثم توجد الخيانة.
لأن النفس البشرية معقدةٌ للغاية، وسلوكياتها أرهقت علماء النفس من أجل تفسيرها، فإن أحد أسباب الخيانة الزوجية هو تدني احترام الذات والشعور بالنقص.
في حيلة دفاعية لذلك الشعور المسيء، يقوم الشخص بمحاولة إثبات نفسه ووجوده، وأنه محبوب وذو قيمة حقيقة من خلال العلاقات المنحرفة وإثبات أنه مرغوب.
قد يضطر البعض إلى عدم عَيش مرحلة المراهقة المعروفة باندفاعها العاطفي والانجذاب للجنس الآخر، ومن ثم يكبرون ليجدون أنفسهم في الأربعين والخمسين من أعمارهم يبدأون بشعور ذلك الفوران تجاه الجنس الآخر ومن ثم يبدأون في تعدد العلاقات.
إن ما ذكرناه من أسباب الخيانة الزوجية هي أسباب أساسية في طبيعة العلاقة وسلوكيات الأشخاص، لكن هناك بعض الأسباب الثانوية التي يمكن أن تتسبب في تلك العلاقات.
هناك بعض الأسباب التي أدى انتشارها في عالمنا اليوم إلى حدوث تلك الطفرة في ارتفاع أعداد حالات الخيانة الزوجية، ومنها:
ساعد الإنترنت على سهولة التواصل مع الأشخاص، لذا من السهل استخدامه للدخول في علاقات عاطفية مع الاعتقاد بأنها وسيلة سهلة ولا يمكن اكتشافها بسهولة.
ولا أقصد هنا الغياب المعنوي فقط بل الغياب المادي الذي يفرضه السفر للعمل مثلا فترات طويلة مما ينشأ عنه فراغ عاطفي كبير.
تُعد الإباحية المنتشرة والتي يمكن متابعتها بسهولة من خلال مواقع الانترنت من أكثر أسباب الخيانة الزوجية، إذ يرى الزوج مثلاً حياة محددة ويفترض أنها الطبيعية ويسعى إلى تنفيذها.
بالطبع لا يتم اكتشاف كل حالات الخيانة والتأكد منها، ولكن هناك بعض التغيرات التي يمكن أن تحدث وتشير إلى وجود خلل ما، حيث يلاحظ أحد الشريكين تغيرات في السلوكيات الخاصة بالشريك، ولمزيد من التفسير نوضح من خلال النقاط التالية:
تُعد العلاقة الحميمية أكثر الأمور خصوصية بين الأزواج، وبالتأكيد يعرف كل منها الكثير عن الآخر في تلك العلاقة، لذا فإن أي تغيير مفاجئ وطارئ وملحوظ يمكن أن يكون مؤشرًا لخيانة ذلك الطرف.
لا يُعد كل التغير في تلك الحالة سلبيًا، بل يمكن ملاحظة بعض التغيرات الإيجابية على الشريك كأن يُصبح أكثر لطفًا وتعاونًا، كما أنه بالطبع توجد بعض التغيرات السلبية كأن تجد أحد الشريكين ينتقد الآخر بصورة مستمرة، ويقلل من شأنه حتى في الأمور التي كان يفضلها به.
ومن السلوكيات المفاجئة نذكر التالي:
أولاً وقبل كل شيء، عليك أن تعلم أنه لا مبرر للخيانة، وأنه على المجتمع ككل أن يرفض ذلك الفعل من الرجل أو المرأة دون استثناءات، فعدم اهتمام المرأة بزوجها ليس مبررًا لأن يخونها، وغياب الرجل عن زوجته لا يُبرر لها العلاقة مع رجل آخر سواء كانت عاطفية أم جسدية.
لذا فإننا في السطور التالية لا نوضح لك كيفية التعامل معها على أنها أمرٌ مقبولٌ، لكننا نحاول أن ندلك في نقاط على التعامل الصحيح لتصل للقرار السليم إن اكتشفت خيانة شريكك.
يؤدي اكتشاف الخيانة إلى الكثير من مشاعر الغضب و الصدمة والتي تؤثر سلبًا على إدراك الإنسان وقدرته على اتخاذ القرار، لذا عليك أن تتخلى عن اتخاذ أي قرار وأنت في تلك الحالة.
وإن اضطررت إلى الانفصال مؤقتًا عن الشريك حتى تتخلص من تلك المشاعر فافعل بالتأكيد.
مع حالة الغضب الشديدة التي تُصاحب اكتشاف الخيانة قد يَلجأ البعض لمعاقبة الشريك من خلال الانتقام منه عن طريق تشويه صورته أمام الاخرين مثل العائلة والأصدقاء، وهو الأمر الذي قد تندم عليه لاحقًا، لذا لا تجعل مشاعرك تتجه إلى الانتقام منه.
عليك أن تعترف بتلك المشاعر على الرغم من صعوبتها بالتأكيد، لكن تسمية مشاعرك وما تحسه بالتحديد تجاه نفسك وشريكك يساعدك على اتخاذ القرار المناسب.
عند اكتشاف أي خيانة زوجية، يجب ألا يصل الأمر للأطفال بأي صورة، لا تجعل منهم حلقة وصل أو وسيلة ضغط على الطرف الآخر، لأنك بتلك الطريقة لن تتسبب لهم إلا بالأذى النفسي والشعور بالقلق وعدم الأمان.
لا مبرر بالتأكيد، لكن هناك من الأسباب ما دفع الآخر للخيانة حتى وإن كان ذلك من خلال تصوراته فقط، لذا عليك بمعرفة تلك الأسباب جيدًا وبوضوح.
قد تضطر إلى الحكي والحديث عما ألمك بك وما تشعر به، لذا من المهم أن تستشير شخصًا ما، يمكن لهذا الشخص أن يكون مختصًا أو معالجا نفسيا أو شخصًا تثق برجاحة عقله ورؤيته.
لا تتخذ أي قرار وأنت في حالة ضغط، عليك أن تترك نفسك للوقت وإن طال؛ حتى لا تتسرع في اتخاذ أي قرار قد تندم عليه.
إن قررت الانتهاء من الزواج، فلا بد أن تفكر في كل ما يتم بعده مثلا بالنسبة للزوجة لا بد أن تعرف أين ستعيش وبالنسبة للزوج لا بد أن يعلم ما عليه من التزامات تجاه أطفاله وهل سيتمكن من القيام بها أم لا.
يساعد الاستماع إلى الطرف الآخر على اتخاذ قرار سليم لا رجعة به، فمثلاً هناك من الزوجات التي تتأكد من رغبتها بالانفصال وأن هذا هو قرارها الصحيح عندما تتحدث مع الزوج وتجد منه نكران لفعله أو استخفاف بما فعله، لذا حاول أن تسمع شريكك.
نحن هنا لا ندعو لأي قرار بشأن الخيانة، لكن إن قررت الرجوع والاستمرار في العلاقة فعليك أن تبدأ صفحة جديدة ولا تذكر ذلك الخطأ مرة أخرى خاصة في أوقات الخلاف، وليكن الشرط الأساسي لاستكمال العلاقة هو أن يُعين كل منكما الآخر على بناء الثقة من جديد، إن استطاع.
إذًا، فإن أسباب الخيانة الزوجية كثيرةٌ، ويبقى الحل في الالتزام بأوامر الله ونواهيه التي تساعدنا على عدم اتخاذ أي خطوات يمكن أن تؤدي إلى ذلك، كما يجب أن نتذكر الدور المجتمعي الذي يجب عليه عدم خلق مبررات للخيانة سواء من الذكر أو الأنثى، وأخرًا ندعو الله أن يحسن أخلاقنا ويجنبنا هذا الفعل المشين.
حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية والأسرية.
0