من شأن الاضطرابات النفسية والذهانية أن تعمل على تعطيل سير حياة المريض أكثر من الأمراض الجسدية، تكمن المشكلة في أن الأمراض الجسدية يكون تأثيرها السلبي مباشر مما يدفع المريض إلى طلب العلاج والمساعدة، على عكس المرض النفسي أو الذهاني الذي لا يكون تأثيره مباشر ما يدفعه لسحب المريض للقاع دون إدراكه بأنه مريض، وفي بعض الأحيان يكون في حالة إنكار لمرضه وبالتالي يرفض تلقي العلاج النفسي . علما بأنه كلما زادت درجة الاضطراب أو المرض النفسي زاد عزوف المريض عن ممارسته نشاطاته اليومية بشكل طبيعي مع ازدياد رفضه لتلقي العلاج النفسي.
الكثيرون يتساءلون عن طريقة ليقولوا بها لشخص عزيز عليهم أنه يعاني من مشكلة نفسية، وأن عليه طلب العلاج.
متى يجب التفكير في حاجة شخص ما للعلاج النفسي؟
1. تواجد بعض الأعراض عليه.
لكي نفهم فعلا أن شخصا ما يعاني من اضطراب أو مشكلة نفسية معينة ويحتاج لمساعدة يجب على الشخص أن تكون لديه أحد/بعض/ كل المعايير التالية:
- إهمال نفسه ونظافته أو/و أعماله اليومية أو/و علاقاته مع الآخرين، أي تأذي مهني أو وظيفي واضح في مهام الإنسان في الحياة وعلاقاته مع محيطه.
- حساس بشكل كبير للأحداث من حوله، وقد يؤول ما يحدث كأنه ضده أو يحصل بسببه.
- يفكر ويشعر بطريقة سوداوية، ولا يستطيع رؤية الأشياء الجميلة في حياته.
- لديه مشكلات في نومه وطعامه وشهيته أو أوجاع غير مفهومة المصدر.
- قد يكون لدى بعض الأشخاص غرابة في التفكير والمشاعر، وقد يقوم البعض بالتهور وعمل سلوكيات غير اعتيادية بالإضافة إلى إيذاء النفس أو محاولات الانتحار وهي أكبر مؤشر.
يجب علينا أن ننتبه بأن هذه المعايير ليست أعراض اضطراب معين، وإنما علامات تدل على أن صحته النفسية ليست بخير. هذه العلامات يجب أن تستمر لأسبوعين على الأقل، وأحياناً اربعة أو سبعة أيام في الحالات الشديدة، التي تطلب تدخل من طبيب أو مختص نفسي إكلينيكي. ولكي نستطيع فعلا مساعدة وإقناع شخص مقرب لنا في أخذ المشورة والعلاج النفسي يجب أن ننتبه لما يلي:
- ثقافة الشخص ووعيه وإدراكه.
- طبيعة تعامله مع المشكلات.
- طبيعة علاقتنا معه... فإن كانت علاقتنا معه ليست متينة ومليئة بالانتقادات والمشكلات قد لا يستمع إلينا.
2. بعض الاضطرابات النفسية وخاصة اضطرابات الشخصية تجعل المريض ينكر المرض ولا يعترف بوجوده.
فهو يظن أن الأشخاص من حوله هم المشكلة. ولذا هنا يُفضَل استيعاب المريض وعدم مهاجمته لكي نستطيع إقناعه بالعلاج.
كيف نستطيع إقناع المريض النفسي بالعلاج وضرورة الاستشارة النفسية؟
- نقول له بشكل واضح وصريح حول الأعراض: لقد لاحظت أنك في الفترة الأخيرة تشعر بكذا وكذا... أشعر أنك لست بخير، ما رأيك أن نستشير معالج نفسي لنتأكد من أن كل شيء على ما يرام.
- نذكر للمريض أننا نعاني من أعراض معينة مشابهة للأعراض التي يعاني منها: نسأله ماذا علينا أن نفعل للتخلص منها؟ ويمكننا أن نتحدث عن رغبتنا في الذهاب للمعالج وأن هناك أشخاص آخرون ذهبوا وتعافوا.
- ذكر أمثلة عن أشخاص كانوا يعانون نفس معاناته وذهبوا للعلاج وتعافوا. والتحدث بكثرة عن مواضيع الصحة النفسية وطرق العلاج النفسي. فقد يكون المريض لديه فكرة مغلوطة حوله، ويمكن إرسال أيضا منشورات تثقيفية للمريض من أشخاص موثوقين.
- محاولة التحدث مع المريض ومساعدته على الفضفضة والتعبير عن نفسه. وما يحصل معه وتقبله والاستماع له دون انتقاد، فهذا سوف يجعله يدرك أفكاره ومشاعره ويدرك أن هناك مشكلة. وفي حال سأل عن الحلول ننصحه بالاستشارة النفسية، ولا ننسى ضرورة تشجيعه باستمرار والوقوف بجانبه ودعمه.
- التنويه إلى آثار المشكلة أو الاضطراب النفسي الذي يعاني منه. وكيف يؤثر على نفسه وعمله وحياته كاملة، وتذكيره بنفسه كيف كان من قبل مرحا أو يحب الخروج مع الأصدقاء وكم اشتقنا لتلك الأيام، وتتمنوا أن يعود لسابق عهده ويتعافى.
- في بعض الحالات قد لا يدرك المريض مرضه بالرغم من محاولاتنا الكثيرة وهنا يمكننا مساومته. والوصول لحل مشترك بالتعاون مع طبيب أو مختص نفسي لترتيب خطة علاجية. ومن الممكن في حال رفض المريض زيارة الطبيب النفسي منكراً مشكلته، مراجعة العيادة النفسية من قبل المقربين للمريض لشرح الحالة للطبيب، ثم ترتيب خطة لإشراك المريض وعلاجه.
بالنهاية من المهم أن تدرك بأن محاولتك إقناع شخصا ما بأن يتلقى العلاج النفسي وتعاملك معه، هذا يجعل منك مقدم رعاية بحاجة لدعم نفسي. لذلك من المهم ألا تنسى أهمية دعم نفسك نفسيا في هذه الفترة خاصة لو كنت من المقربين جدا من المريض وتشترك في عملية علاجه.
حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية والأسرية.