العلاقات
Jan 11 2024
تتطلب العلاقات الاجتماعية بشكل عام صدقًا وتواصلًا مفتوحًا بين الأشخاص، وبينما يسعى الجميع لإقامة علاقات اجتماعية صحية وإيجابية، يمكن أن يظهر سؤال مهم، هل أنا شخصية سامة لمن حولي؟
إذ تشير الشخصية السامة إلى سلوك أو تأثير سلبي، ويمكن أن يكون لها عواقب خطيرة على العلاقات الشخصية والمحيط الاجتماعي.
في هذا المقال، سنستكشف عن كثب مفهوم الشخصية السامة وعلاماتها المميزة، بالإضافة إلى تأثيرها على العلاقات والبيئة المحيطة بنا.
تشير الشخصية السامة إلى الشخص الذي يتسم بسلوك وتأثير سلبي على الآخرين والبيئة المحيطة به، إذ تتميز الشخصية السامة بنمط تفكير وسلوك يتسبب في تعكير الأجواء وخلق توتر وصراع في العلاقات الشخصية والمهنية، ويمكن أن يكون الشخص السام متلاعبًا عاطفيًا، حيث يسعى للتحكم في الآخرين واستغلالهم لصالحه الشخصي.
أشارت نتائج دراسة (Zettler et al., 2018) أن الأشخاص الذين يتصرفون بطريقة سامة قد يكون لديهم سمات شخصية معينة، وتتجلى هذه السمات في الميل إلى وضع أهدافهم ومصالحهم فوق مصالح الآخرين، مع تقديم تبرير غير مقنع لسلوكهم لتجنب الشعور بالذنب أو العار.
كما يمكن أن تظهر الشخصية السامة من خلال طرح تعبيرات سلبية وانتقادات مستمرة، مما يؤدي إلى خفض معنويات الآخرين والتأثير على ثقتهم بأنفسهم.
الشخص السام هو فرد يتسم بسلوك سلبي على الآخرين، ويتميز بنمط تفكير وسلوك يسبب التوتر في مختلف العلاقات سواء كانت علاقات مهنية أم شخصية، وهناك العديد من العلامات التي يجب أخذها بعين الاعتبار والتي قد تشير إلى أنك شخصية سامة في محيطك، ومنها ما يلي:
كونك إنسانًا يعني أنك تواجه تحديات الحياة كل يوم، وتعيش لحظات الفرح والحزن بشكل مستمر، ما يؤدي إلى تغيير مواقفك أو ردات فعلك، ولكن يتميز الشخص السام بعدم استقراره في سلوكه أو آرائه، فهم لا يلتزمون بأقوالهم ووعودهم، مما يؤدي إلى صعوبة التفاعل معهم، كما يمكن أن يكون من الصعب توقع سلوكهم المستقبلي، إذ قد تتغير ردة فعلهم بشكل مفاجئ وقد يتجاهلونك بشكل تام، وهذا السلوك المتذبذب يضعف العلاقات ويجعل من الصعب التعامل معهم بثقة وباستمرار.
تتميز الشخصية السامة بالحاجة المستمرة للاهتمام والدعم العاطفي، إذ تحتاج دائمًا إلى شيء منك سواء كانت مكالمات هاتفية، أو رسائل نصية، أو خدمة معينة، وفي المقابل قد لا تقدم لك المثل؛ فالأشخاص السامون يأخذون كل ما لديك دون أن يقدموا الكثير، ويتميزون بمستوى عالٍ من التركيز على المصلحة الذاتية، والحاجة إلى إظهار عظمتهم للحصول على الانتباه، ويمكن أن يرتبط هذا باضطراب الشخصية النرجسية.
أكدت نتائج دراسة (Roark SV, 2012) أن اضطرابات الشخصية بشكل عام تؤثر على العلاقات الاجتماعية، وتؤثر سلبًا على العلاقات في جميع مجالات الحياة سواء في مكان العمل، أو المجتمع، أو الأسرة.
المبالغة في ردود الأفعال وتأجج المشاعر هي إحدى علامات الشخصية السامة، إذ يشعر الشخص السام بالحاجة للتفاعل بشكل مفرط ومبالغ فيه مع الأحداث والمواقف، وقد يظهر ردود فعل مفرطة ومتطرفة، سواء كانت فرحًا شديدًا أو غضبًا مفرطًا، دون توازن أو تناسب مع الحدث.
تستخدم الشخصية السامة هذه الاستراتيجية لجذب الانتباه والاهتمام بهم، فالشخصية السامة تميل إلى التلاعب العاطفي وتستغل ذلك لتحقيق أهدافها الشخصية.
تعتبر الحدود الشخصية ضرورية في علاقات المجتمع المختلفة، فهي تحدد كيف تُريد جميع الأطراف أن تُعامل وما يمكن أن تتوقعه من بعضها البعض، كما أن الحدود تساعد الأشخاص على حماية طاقتهم من الاستغلال عندما يُطلب منهم الكثير.
تميل الشخصية السامة إلى تجاهل جميع حدود واحتياجات الآخرين؛ إذ تمارس الشخصية السامة سلوكًا تتجاوز فيه حدود الآخرين وتتدخل في حياتهم الشخصية ومجالاتهم الخاصة دون إذن أو احترام لخصوصيتهم، وقد يتجاوز الشخص السام حدود الآخرين بعدة طرق، مثل: التطفل على الأمور الشخصية، والتدخل في قراراتهم الشخصية، والتجسس على خصوصياتهم، أو حتى نشر أخبار كاذبة عنهم، ويستخدم الشخص السام ذلك كوسيلة للسيطرة والتحكم، بغية تحقيق أهدافه ورغباته وتعزيز شعورهم بالتفوق والهيمنة.
بينت دراسة (Brown AA et al., 2017) أن وجود أشخاص سامين في حياتك سيجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك ويؤثر سلبًا على علاقاتك الاجتماعية، كما يمكن أن يقلل من ثقتك بالآخرين في المستقبل.
هي نقطة ضعف رئيسية للشخصية السامة، إذ تعني عدم قدرة هذه الشخصية على فهم أو التجاوب مع مشاعر واحتياجات الآخرين بشكل عميق، فقد تتجاهل أو تتجاوز مشاعر الآخرين تمامًا وتعتبرها غير مهمة أو ضعيفة، إذ أن الشخصية السامة تتظاهر بأنها تعاني من الانشغال الشديد، مما يجعلها غير قادرة على فهم مواقف الآخرين والشعور بمشاعرهم وعواطفهم، وهذا ما يسبب نشر السموم السلبية في الأوساط الاجتماعية.
بعد معرفة أبرز علامات الشخصية السامة، يمكنك أن تحدد ما إذا كنتَ شخصية سامة أو أنك تتعامل مع شخصيات سامة من حولك، وفي كلتا الحالتين يُنصح بالتحدث إلى مستشار أو معالج نفسي، ويمكنك ذلك من خلال تحميل تطبيق تطمين الذي سيساعدك في وضع الحدود، وتقديم استراتيجيات وأدوات للتعامل مع الشخصية السامة لحماية صحتك النفسية.
1- Moshagen, M., et al. The dark core of personality. Psychological Review, (2018) 125(5), 656–688. doi.org/10.1037/rev0000111
2- Roark SV. Narcissistic personality disorder: effect on relationships. Ala Nurse. 2012;39(4):12-14.
3- Crocker J, et al. Social motivation: costs and benefits of selfishness and otherishness. Annu Rev Psychol. 2017;68(1):299-325. doi:10.1146/annurev-psych-010416-044145
0