الاستشارات النفسية
8 يناير 2024
في بعض الأحيان، قد يمرّ الإنسان بلحظات من الضيق النفسي المفاجئ، يشعر فيها بالتوتّر والضيق بشكل غير مُتوقّع ودون سبب واضح أو وجيه. ومن الممكن تصنيف هذا الشعور بالضيق في مجموعة المشاعر السلبية التي قد تؤدي إلى العديد من المشاكل النفسية والجسدية؛ إذ عندما يتجاهل الشخص هذا الضيق ولا يحاول معرفة سببه أو مصدره، فإنه سيتفاقم تدريجياً (دون شعور صاحبه بذلك) حتى يصل في النهاية إلى حالة من القلق والتوتّر التي قد تتطور مع مرور الوقت لتصبح مشاكل جسدية.
لقد أثبت العلم أن المشاكل النفسية قد تتسبب في إضعاف جهاز المناعة، والذي بدوره يجعل الجسم عرضة للإصابة بالأمراض بسهولة، إضافة إلى العجز عن مقاومتها. لذلك، من باب الحكمة ألا تغفل عن شعورك بالضيق النفسي المفاجئ، وأن تسعى للحدّ من أسبابه، وطلب المعونة من محترفي الرعاية الصحية المختصّين مثل الأطباء أو العاملين في الصحة النفسية إذا استلزم الأمر.
عادة ما يأتي الشعور بالضيق النفسي المفاجئ مقترنًا بمجموعة من الأعراض، وفيما يلي الأعراض الأكثر شيوعًا:
يمكن أن تكون هناك عدة أسباب وراء الإحساس بالضيق النفسي المفاجئ، وقد تكون هذه الأسباب إما عضوية أو نفسية أو بيئية. أدناه بعض الأسباب المحتملة:
جدير بالذكر أن هذه الأسباب قد تكون منفردة، كما يمكن أن يكون سببان أو أكثر وراء الإحساس بالضيق النفسي المفاجئ؛ لذلك من المهم للغاية استشارة طبيب نفسي لتقييم حالتك بشكل دقيق وتحديد سبب الضيق المفاجئ الذي تشعر به، وسيكون قادرًا على تقديم التشخيص الصحيح ووصف العلاج المناسب إذا استدعت إلى ذلك الحاجة.
الضيق النفسي هو حالة عاطفية تتميز بعدة أعراض من بينها الشعور بعدم الراحة والتوتّر وضيق التنفس. وقد يصاحبه في بعض المناسبات شعور بالخوف أو القلق، أو تظهر رفقته جملة من الأعراض الجسدية على غرار زيادة ضربات القلب، والتعرّق الزائد، والرجفة في الجسم، والإغماء، بسبب علاقته بنوبات الهلع التي تتميز بمثل هذه الأعراض كما ذكر أعلاه.
من الجانب النفسي، قد يكون الضيق النفسي ناجمًا عن التوتّر النفسي والقلق الشديد، وضغوط الحياة، والأحداث العاطفية الصعبة. ومن الجانب العضوي، فيمكن أن يكون الضيق النفسي ناتجا عن المشاكل التنفسية كالربو أو انقباض القصبات الهوائية، أو عن مشاكل في الجهاز القلبي الوعائي مثل ارتفاع ضغط الدم، أو تشوهات في الغدة الدرقية. كما قد تساهم العوامل البيئية والاجتماعية أيضًا في ظهور أو مضاعفة الضيق النفسي المفاجئ.
ويعتبر الضيق النفسي المفاجئ والاكتئاب حالتين نفسيتين مختلفتين، ولكن يمكن أن تترابطا في بعض الأحيان.
الضيق النفسي المفاجئ هو شعور بالتوتّر والقلق والاضطراب العاطفي الذي يمكن أن يظهر بأعراض من قبيل صعوبة التركيز، والارتباك، والاضطراب النفسي، والتوتّر العضلي، والقلق. أما الاكتئاب، فهو حالة مرضية تتسم بالحزن المستمر والانخفاض الملحوظ في المزاج وفقدان الشغف والعزوف عن ممارسة الأنشطة اليومية. ويمكن أن ترافق الاكتئاب أعراض أخرى مثل الشعور بتأنيب الضمير، والقلق المستمر، واضطرابات النوم والشهية، والتفكير السلبي أو ذلك المرتبط بالموت وإيذاء الذات.
وعلى الرغم من اشتراك الضيق النفسي والاكتئاب في بعض الأعراض الأكثر شيوعًا مثل القلق والتوتّر والأفكار السلبية، إلا أنهما يختلفان في طبيعتهما ومدتهما وفي باقي الأعراض. على سبيل المثال، قد يعاني الشخص من الضيق النفسي المفاجئ مؤقتا في مواقف محددة، بينما يمكن أن يعاني غيره من الاكتئاب لفترة أطول وبشكل مستمر، ومن وجهة نظر خارجية قد تبدو عليهما نفس العلامات.
لكن في كلتي الحالتين، إذا كنت أنت أو أحد معارفك بصدد إظهار أعراض تشير إلى الضيق النفسي أو الاكتئاب، فمن الأهمية بمكان طلب المساعدة من مُقدّم رعاية صحية مختص يمكنه تقييم حالتك وتشخيصها بدقة وتوفير العلاج المناسب والدعم اللازم.
يشكل الضيق النفسي المرحلة الأولى في تطور الاكتئاب، حيث يصل الشخص إلى هذه المرحلة عندما يتراكم عليه الضيق والحزن. والاكتئاب هو اضطراب مزاجي يتسبب في الشعور المستمر باليأس وفقدان الشغف والاهتمام بالأشياء والأشخاص، والحزن المستمر. وقد يستمر الاكتئاب وأعراضه لفترة تمتد إلى أسابيع أو شهور أو حتى سنوات، ويؤثر على جميع المراحل العمرية دون استثناء.
غالبًا ما تظهر الإصابة بالاكتئاب نتيجة لعوامل هرمونية أو وراثية، حيث يمكن أن يكون هناك أفراد في العائلة مصابين بالاكتئاب، كما توجد بعض الأدوية التي يمكن أن تسبب الاكتئاب كآثار جانبية، مثل أدوية علاج السرطان والمضادات الحيوية. وفي حالة زيادة الأعراض وتواتر الشعور بالضيق النفسي، قد يُفسّر ذلك بأنه الشعور بالاكتئاب، وفي تلك الحالة يجب على الشخص زيارة الطبيب للعلاج النفسي، حيث سيعمل الطبيب النفسي على محاولة حل المشاكل التي تسبب الاكتئاب، بالإضافة إلى وصف أنواع محددة من الأدوية المضادة للضيق النفسي.
كذلك إذا كنت تعاني من الشعور بالضيق النفسي والاكتئاب دون سبب يُذكر، فقد تكون في مواجهة ما يُعرف بـ"الاكتئاب العابر" أو "الاكتئاب غير المُبرّر". ويطلق على هذا النوع من الاكتئاب أحيانًا اسم الاكتئاب العارض، لأنه يظهر ويختفي بشكل متكرر ودون سبب واضح. قد يكون الاكتئاب العابر ناجمًا عن عوامل مختلفة مثل التوتّر والقلق، والتقلبات الهرمونية، والتغيرات في النظام الغذائي، وقلة النوم، والاختلافات في النشاط الجسماني، إضافة إلى العوامل البيئية والمجتمعية. قد يكون لديك أيضًا ارتباطات وعوامل نفسية تؤثر بشكل غير مباشر في شعورك بالضيق النفسي والاكتئاب.
فإذا كنت تشعر بالضيق النفسي والاكتئاب بشكل متكرر ومستمر ودون سبب محدد، من الأفضل التواصل مع مقدم الرعاية الصحية المختص مثل الطبيب النفسي أو الاستشاري النفسي. وسيتمكن المختصون من تقييم حالتك بدقة وتشخيصها وتقديم العلاج المناسب إذا لزم الأمر.
عندما تشعر بالضيق النفسي المفاجئ، إليك بعض الإجراءات السريعة التي يمكنك اتخاذها للتعامل معه بفعالية:
لكن تذكّر أنه قد يكون هناك أسباب محددة للضيق النفسي المفاجئ (يمكنك التحقق منها في بداية المقال)، ولا يمكن لهذه الإجراءات أن تستبدل العلاج. لذلك، إذا كانت الأعراض مستمرّة أو تزداد سوءًا، فمن حسن التدبير استشارة مقدم الرعاية الصحية المؤهل لتقييم حالتك بشكل دقيق وتقديم العلاج المناسب.
تختلف طرق التخلص من الضيق النفسي المفاجئ حسب الأسباب المحتملة والظروف الفردية لكل شخص. ومع ذلك، هنا بعض الاستراتيجيات العامة التي يمكن أن تساعد في التخلص من الضيق المفاجئ دون أدوية:
والأهم هو أن تتذكر أن كل حالة هي مختلفة ومنفردة بذاتها، وقد يتطلب الأمر بعض التجارب والتعديلات لاكتشاف الاستراتيجية التي تناسبك وتساعدك في التخلص من الضيق المفاجئ. وطبعا لا ننسى طرق العلاج التي تساهم في إنقاص وتيرة الضيق النفسي المفاجئ وربما توقف حدوثه.
هناك طرق مختلفة لعلاج الشعور المفاجئ بالضيق، بما في ذلك العلاج بالعبادة أو بالأدوية. إليك أبرزها:
فإذا كنت تعاني من الضيق النفسي المستمرّ بشكل قد يؤثر على حياتك اليومية، فمن الأهمية بمكان استشارة مقدم الرعاية الصحية المختصّ للتقييم الدقيق وتحديد السبب المحتمل ووصف العلاج المناسب. ويمكن أن يشمل العلاج العلاج النفسي، أو العلاج الدوائي، أو مزيجا منهما، إضافة إلى إحداث تغييرات في نمط الحياة للتخفيف من الضيق النفسي.
خلاصة الأمر هي أنه قد يعاني بعض الأشخاص أحيانًا من لحظات ضيق نفسي مفاجئة وغير مُبررة، وتُعتبر هذه الحالة من الأحاسيس السلبية التي قد تؤدي إلى نشوء العديد من الاضطرابات النفسية ومن بعدها الجسدية. فإذا سهى الشخص عن هذا الشعور ولم يقم بدراسة أعراضه وأسبابه، فإنه سيتفاقم تدريجيًا حتى يصل إلى مستوى القلق والتوتّر الذي قد يُسبب اضطرابات جسدية مع مرور الوقت. لذلك يجب أخذ الضيق النفسي بجدية والتعامل معه على النحو الأنسب لضمان صحة نفسية أفضل.
0