العائلة والأطفال
6 يناير 2024
موضوع التربية الجنسية هو تحدي كبير يواجه جميع المجتمعات، يواجه موضوع الجنس والغرائز في بعض المجتمعات صعوبات في التحدث عنه. على ذلك كيف يمكن الحديث عن تربية جنسية للأطفال في عمر مبكر في الوقت الذي تكون فيه كلمة الجنس في معظم المجتمعات مرادفة لكلمة عيب، حرام وشيء مخجل الحديث عنه حتى للأطفال؟
لذلك نحن نقول بأن هناك صعوبة في توصيل هذا الجانب المهم جداً من الحياة، وكلما كان الأهل غير قادرين على الحديث عن الجانب الجنسي من حياتهم في مجموعات الدعم كلما أصبح من الصعب الحديث عنه مع أطفالهم، فإذا الأهل لم يتطرقوا للجانب الجنسي من الصعب أن يتواصلوا مع أطفالهم عنه خاصة أنهم قد تربوا على مفاهيم العيب والحرام بشكل تلقائي.
لذلك نجدهم عند تربية أطفالهم ينقلوا طريقة تربية أهلهم لهم، لذلك إذا لم يتحدثوا أو يتطرقوا لهذا الجانب ولم يأخذوا الاستشارة المهنية الصحيحة فسوف يكون من الصعب الحديث مع أطفالهم حول هذا الموضوع.
تبدأ التربية الجنسية من أول يوم وليس عندما يصل الطفل إلى سن البلوغ، فعندما يبدأ الأهل بتعليم الطفل حول أعضاء جسده يبدأون بتسمية أعضائه الجنسية بأسمائها، في عمر التسعة أشهر أو السنة عندما يبدأون بتعليم الطفل حول مكان أعضائه يجب تسمية أعضائه الجنسية بالأسماء الجنسية الخاصة بها، ويمكن أن يبدأوا في سن السنة والنصف أو السنتين.
في التربية الجنسية للأطفال علينا ان نسمي الأعضاء الجنسية للأنثى (الفرج، الصدر) وعدم استعمال مصطلحات مثل (المنطقة العيب، بين قدميك) التي تعمل على إنشاء رابط سلبي مع موضوع الجنسانية والجنس، وعند الذكر مسمى (القضيب) أو أي كلمة ليست بذيئة تعبر عن العضو الذكري. ونفس الشيء فيما يتعلق في المؤخرة فيجب أن نعلمه منذ البداية. وتعليم الطفل على عدم السماح لأحد بالاقتراب من أعضائه الجنسية.
من يعطي هذه التربية هي الأم لأن الأم تحب أن تتكلم أكثر وأسهل لها أن تعلم، لكن في الأجيال الأكبر عندما تكون بنت فيفضل أن يكون من طرف الأم أما إذا كان ذكر فيفضل أن يتم تعليمه من طرف الأب، لكن في جيل صغير يكون من قبل الأب والأم لكن لأن الأم تجلس مع الأطفال أكثر فيكون التعليم من قبلها أكثر وأسهل لها أن تفتح هذه المواضيع من أن يفتحها الأب.
إذا كان هناك رفض من قبل أحد الطرفين فيكون هناك مشكلة، لكن يجب الإجابة على تساؤلات الطفل وأن نخبر شريك الحياة عن سبب أهمية إعطاء الأطفال هذه التربية وكم مهم أن نوعي أطفالنا عليها.
يبدأ الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة باكتشاف العضو الجنسي، لدى الذكور يبدأ في عمر سنة ونصف تقريبا وأحياناً في عمر السنة لأنه شيء خارجي فيكتشف بشكل مبكر ويكتشفون اللذة والمتعة الجنسية عند ملامسة هذا العضو، أما عند الإناث جزء منهم يبدأ باكتشافه في عمر السنتين وجزء لا يكتشفه؛ لأن هذه المنطقة محظورة ولا يكتشفون هذا العضو أو اللذة التي يشعرون بها من لمس هذا العضو.
الذكر يشعر في أحاسيس جنسية في عمر من سنتين إلى أربعة سنوات وفي عمر الخمس سنوات يشعرون أكثر في الغريزة الجنسية. والأحاسيس الجنسية عند الأطفال لا تكون كشهوة بل يشعر بشعور جميل عند لمسه ومخيلته تجعله يعتقد أن أمه هي العشق الخاص به، والانثى في البداية يكون عشقها لوالدتها ثم تنقله لوالدها وهو مركب أكثر من الذكور.
وعند عمر الخمس سنوات يبدأون في التعرف على أنهم لا يستطيعون الزواج من أمهم وأباهم، فيبدأون في التفريق بين الولد والبنت والأولاد الذين يعانون من مشاكل في الجندر نبدأ في ملاحظتها في هذه الأعمار.
في العمر الذي يبدأ الأطفال في اكتشاف المتعة الجنسية الخاصة بهم، يشعرون في أحاسيس جنسية ويتصرفون تصرفات جنسية كذلك فيبدأون في لمس الأعضاء الخاصة بهم.
هذا يدفع الأهل لتهديد الطفل بالضرب أو بأي تهديدات أخرى لحثه على عدم القيام بذلك، لكن هذه ردة فعل خاطئة لأن كل شيء ممنوع هو مرغوب، يجب على الأهل تهذيب الطفل وتعليمه الصح من الخطأ ولكن مهم أن تكون ردة الفعل بعد أخذ نفس عميق والهدوء ومعرفة أن الأحاسيس التي يشعرون بها هي متعة جنسية وليست شهوانية مثل الكبار، فعندما تخبر الطفل أنه لا يجوز كأنك تخبره أنه يجوز دون علمك، فهو يرى أنه إحساس جميل أهله يمنعونه منه، ويكونون عقدة نفسية لأنه يشعر بالذنب لأن أهله يخبروه ألا يفعله وهو يفعله ويكبر مع الإحساس في الذنب.
لذلك مهم أن تكون ردة فعل الأهل متوازنة وأن يعلموا أن هذه المرحلة طبيعية.
كيف أحدث طفلي عن التربية الجنسية بعمر الطفولة؟
يفضل أن نعتمد في الإجابة على الجانب العلمي لأنه يعطي الطفل إحساس أن كل شيء على ما يرام وهناك حدود ومسموح التمتع في الذات والشعور في هذا الشعور الجميل، يكون الطفل على دراية بأن لمس أعضائه يجعله يشعر بشعور جميل لكن ممنوع أن يشاهدك أحد حتى أمك، أبوك، وأخوتك فهذا الشيء خاص بك، يفضل أن تقلل فعله لكن مسموح أن تفعله فقط في الحمام وأنت مغلق الباب على نفسك.
وهذا يمكن الحديث عنه مع الطفل في عمر سنتين لأن الهوية الجنسية موجودة سواء تحدثت عنها أو لم تتحدث عنها، وهناك أطفال تخلق مع غريزة جنسية أكثر من أطفال آخرين هؤلاء يجب أن نكون أكثر حذر معهم لأنهم يكونون عرضة أكثر لاستغلال أطفال آخرين أو الدخول في ألعاب جنسية أكثر. وفي موضوع اللعب يمكن أن نكون حازمين أكثر بأن نخبره أنه ما زال صغير على هذا الشيء ويمنع عليك أيضاً لمس العضو لدى أي شخص آخر، فيجب أن تكون حازم وواضح وأن تخبره أنه لا يحق لأحد لمسك سوى الطبيب.
بدل الضرب أو إخباره بأي شيء أقوم بإلهائه وأن أقوم بغض نظره عن تصرفه كأنه لم يراه، وإذا زاد الموضوع عن حده أخبره أن هذه الأمور غير مسموح فعلها لأنه كلما لمسنا أنفسنا أكثر كلما أحببنا أنفسنا أكثر وهذا الشيء غير ملائم أو مقبول في مجتمعنا. ونركز على الجيل لأننا لا نريد أن نكون عقدة الذنب لديه فأخبره أن هذا الشيء مسموح عندما تكبر وتتزوج لكن في جيلك هذا فهو ممنوع؛ لأنه يتم بين شخصين كبار وبالغين بعد أن يحبوا ويتجوزوا بعض فهو مسموح بعد الزواج ولا أخبره بشكل تفصيلي.
إذا سأل الطفل من أين أتيت ماذا يجب أن أجيبه؟
نقول للطفل أن هناك طريقتين يستطيع فيهما أن يأتي على الحياة:
أخبر طفلي أنه عندما تلعب مع أحد سواء أكان صغير أم كبير المهم أن تكون مرتاح في اللعب، وإذا شعرت أن الشخص المقابل لك يلمس أعضائك الجنسية مهم أن تنظر في عينيه وتصرخ وتقول له أنك لا تقبل، فهذا جسدك لك وممنوع أي أحد أن يلمسه وليس كل عضو إنما أعضاء محددة.
ويجب التنويه إلى أن التحرشات الجنسية معظمها يكون في المنزل وليس خارجه وقليل أن يحدث خارج صفه في مدرسته، فيجب تعليم الطفل منذ الصغر أنه إذا اقترب أحد من لمس أعضائه الجنسية بغض النظر أن كان والده أو أخوه أو أي أحد يجب أن تصرخ عليه وتبعده عنك وتخبر والدتك وأهم شيء أن تخبرها؛ لأنها سوف تكون بجانبك وتحميك.
الطفل يستطيع اختراع العديد من الأمور لكن لا يمكن أن يخترع أنه تم إيذاؤه جنسيا، إذا أخبرك أنه تعرض لاعتداء يجب أن تفحص إذا تبين أنه لم يتعرض يجب أن يكون هناك علاج، فلا تتجاهل ذلك لأنها علامة ضائقة كبيرة إذا كان خيال الطفل واسع ويتخيل أمور جنسية فهي مشكلة. ويكون ذلك نتيجة مشاهدة مضامين جنسية غير ملائمة طورت من خياله.
انكشاف الطفل على الأفلام الإباحية يعد اعتداء جنسي، والطفل الذي ينام عند في غرفة نوم أهله يشعر بكل شيء لذلك لا يجب إقامة علاقة جنسية في غرفة ينام بها الطفل، فحتى لو كان عمره أشهر فهذه مخاطرة لأنه نائم ويشعر بكل شيء فالعلاقة يجب أن تكون في غرفة منفصلة عن غرفة نوم الأولاد.
متى نتكلم عن سن البلوغ؟
مهم أن يكون هناك انفتاح ووضوح بين الأهل في توضيح الأمور المسموح والممنوع فعلها ما بين الذكر والأنثى. فهناك عدة عائلات في الوقت الحاضر تعرف الانفتاح بشكل خاطئ ذلك مثلا أن يستحم الأخ والأخت وحتى الآباء والأمهات مع أطفالهم.
من المهم أن نفهم أبناءنا أنه لا يجوز أن يستحموا مع بعضهم البعض حتى البنات الاثنتين أو الأم والبنت أو الأب والولد، فمن عمر السنتين لا يفضل أن يكون موضوع الاستحمام مشترك، لأن الغريزة الجنسية موجودة وقائمة ويمكن أن تثار من أمور من المفترض ألا تثار منها. فيمكن الحديث عن الأعضاء الجنسية أو عن كيف نأتي على الدنيا أو الولادة أو أن نشرح للولد ماذا يحدث عند البنت والبنت ماذا يحدث عند الولد مع توضيح الفروقات. وأن الأخوة لا يجوز أن يدخلوا إلى الحمام مع بعضهم البعض، يجب أن يكون هناك وضوح وأن يكون الحديث مفتوح ويجب أن تكون الحدود واضحة.
قد نتعرض في المنزل كأهل لبعض المواقف الجنسية التي تتطلب منا الوعي الكافي لكيفية التعامل معها، مثلا: إذا شاهد الطفل الأعضاء الجنسية للأب أو الأم عن طريق الخطأ.
هذه ليست مشكلة لأن هذا من طبيعة الإنسان وجسد الإنسان ولا يوجد شيء نتحدث عنه إلا إذا سأل الطفل، أما إذا شاهد علاقة جنسية بين أهله عن طريق الخطأ فمن المهم التحدث معه والتطرق للموضوع، فإذا كان عمره صغير يمكن شرح ذلك بأنهم يحبون بعضهم وكانوا يحبون بعضهم، وهذا مسموح بين اثنين كبار ومتزوجين فقط. ويجب ألا نستخدم صيغة أنا أو نحن عند الحديث عن العلاقة الزوجية بل يجب استخدام كلمة كل أب وأم وما حصل هو تجسيد للحب بينهم.
التصرف الطبيعي للأطفال يكمن في لمس الجسد محاولة اللعب الجنسي بين أصدقائه في المدرسة بحيث تضمن المس والقبلات فقط وهذا يعتبر طبيعي، لكن يجب وضع حدود له بأن نشرح لهم أن هذا الشيء غير مسموح أن يحدث بين الأطفال ويحدث فقط بين الكبار المتزوجين، هذه ردة الفعل التي يجب أن تكون ليس أكثر ولا أقل؛ كي لا يكون عقد نفسية لدى الطفل بحيث يصبح منحرف أو لا يقبل الزواج وممارسة الجنس عند الكبر.
يجب التوجه للإرشاد من قبل الأهل حتى يتمكنوا من فهم كيفية منع هذه التصرفات عند الأطفال دون تحقير أو أهانه وضرب لكن يجب أن تكون جداً حازمة، عندما يرى الأهل طفلهم يتصرف تصرف جنسي يجب أن يكونوا حازمين كي يفهم الطفل أن تصرفه جداً خاطئ ومن هنا يجب أن يبدئوا في المساعدة المهنية.
من المهم أن نعرف أنه تعد الأفعال السابقة من قبيل الاعتداء الجنسي عند وجود فجوة بين الأجيال أي ثلاثة سنوات وأكثر، لكن عندما يكونوا في نفس العمر فيعد لعب جنسي وليس اعتداء جنسي ويمكن أن يكون حب استطلاع أو فضول. علما بأنه يمكن أن يمر اللعب الجنسي أو قسم من الاعتداءات دون أن يشعر الطفل في صدمة إذا أخذه كلعبة، ويمكن أن ينموا ويكبر بطريقة جداً صحية؛ لأنه عندما لا يتألم الطفل ويشعر في لذة ومتعة لا يمر في صدمة لكن عندما يهولون الكبار الأمر أمام الطفل بدلا من معالجته وعندما يربطون كل تصرف استكشافي لأعضائه بأنه أمر جنسي هذا يدفع الطفل للصدمة.
في نهاية المطاف على الأهل أن يدركوا أن في هذا الوقت جميع الأشخاص يتحدثون حول الجنس شئنا أم أبينا، وهذا الشيء موجود والوضع الذي نحن فيه الآن أفضل مما كنا فيه من سنوات عديدة، فقد انخفضت أعداد التحرشات والاعتداءات والألعاب الجنسية أكثر بكثير من الماضي؛ لأن الوعي أصبح أكبر من الوقت الماضي، الأهل يواجهون في الوقت الحاضر الشبكة العنكبوتية (الانترنت) بما تحويه من مضامين وأفلام جنسية.
فاليوم الصور الإعلانية تكون بأشكال إغرائية وكل ما حولنا أصبح يتحدث حول الجنس، والمجتمع لم يعد مبني على التستر.
من المهم أن نكون واعين حول فكرة أن هناك الكثير من الأشخاص ممن يعانون من عقد جنسية وصعوبات نفسية سواء اكتئاب، مخاوف وغيرها، والأساس الخاص بها حسب العالم فرويد هو الغريزة الجنسية فمعظم المشاكل تعود إلى الغريزة الجنسية التي لها مكان في مشاكلنا، فهناك غريزتي العدوانية والجنسية والاثنتين بحاجة إلى ضبط أيضاً.
عملية ضبط الغرائز جداً مهم لذلك التربية الجنسية جداً مهمة. انصح الجميع بالتوجه إلى دورات في التوعية الجنسية لأن الأهل أذا كانوا غير متصالحين في هذا الموضوع لن يستطيعوا تعليم أطفالهم والإجابة عن أسئلة أطفالهم فيما يتعلق بأعضائهم الجنسية، أما عند أخذ الاستشارة فسوف يستطيعون التعامل مع هذا الموضوع بشكل أفضل.
0