العلاقات

ماهي أنواع التعلق العاطفي؟

10 يناير 2024

أفراد كثيرة تتوجّه لي للبحث عن إجابة للأسئلة التّالية: لماذا إلى الآن لم ارتبط؟ لماذا علاقاتي تنتهي وتفشل ولا تتقدّم؟ لماذا دائما ارتبط بالشّخص الخاطئ؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تعود بمعظمها لمقدّم الرّعاية بطفولتنا، أي نوع الترابط وجودة العلاقة مع الوالدين (الأهل)، ذلك كون علاقاتنا العاطفية اليوم متأثّرة بنوع وجودة علاقتنا مع مقدّمي الرّعاية في الطّفولة (بغالبيّة الأحيان الوالدين). هذا المقال سنشرح عن التعلق العاطفي وانواعه المختلفة كنتيجة لعلاقتنا مع مقدم الرعاية في طفولتنا.

بحسب نظريّة التعلّق التّي توسّعت بسنوات الثمانينات لتفسّر العلاقات العاطفية عند البالغين، قامت بتعريف أربعة أنواع من التعلق عند البالغين: آمن، قلق (غير آمن)، متجنّب، غير منتظم. وكون علاقاتنا العاطفية متأثرة بعلاقتنا مع مقدمي الرعاية في الطفولة، لابد من التطرق لما يميّز مقدّم الرّعاية لدى كل نمط تعلّق، وفي أدناه وصف للسّلوكيات التّي تميّز البالغين بكل واحد من الأنماط الأربعة، ذلك حتى نتمكن من الإجابة على سؤال كيف تؤثر علاقتنا مع مقدمي الرعاية على تعلّقنا كبالغين بعلاقاتنا العاطفية والرومانسية؟

أنواع التعلق العاطفي المختلفة:

  • التعلّق العاطفي الآمن: يميّزه مقدّم رعاية يستجيب بشكل مناسب، وعلى وجه السرعة، بإنتظام للاحتياجات الطفل. ينجح في تكوين علاقة تعلّق أبوي آمن مع الطفل. هذا النوع من التعلق العاطفي ينتج شخص مستقل، يثق بالآخرين، تعلّم بمراحل مبكّرة في حياته أنّه من الممكن الاعتماد على الآخرين، واثق بنفسه، لا يخشى الالتزام بالعلاقة، آرائه بشأن العلاقات مرنة وغير معقّدة، يتواصل بشكل جيّد، وواضح بأمور تخص العلاقة وشريك الحياة، يعرف كيف يصل إلى الحل الوسط والتّنازل. لا يخشى الاعتماد على غيره، بالنّسبة له العلاقة ليست أمر صعب، يحب القربة، يعرّف أصدقائه وعائلته على شريك الحياة منذ البداية، يعبّر عن مشاعره بشكل طبيعي.
  • التعلّق العاطفي الغير آمن (القلق): يميّزه مقدّم رعاية غير منتظم بين الاستجابات المناسبة والإهمال. بشكل عام، لا يستجيب إلا بعد زيادة سلوك التعلق عند الطفل. هذا النوع من التعلق ينتج شخص يريد الكثير من القرب في العلاقة، يعبّر عن خوفه وقلقه من الرّفض والهجرة بالعلاقة، غير سعيد إذا لم يكن بعلاقة، يستخدم حيل سلبية (ألعاب) ليحظى على انتباه واهتمام شريك الحياة، يجد صعوبة بالتّعبير عما يزعجه ويتوقّع من شريك الحياة، أن تخمّن ما يشعره به، يتيح لشريك الحياة تحديد نغمة العلاقة ليرضيه خوفا من أن يتركه، دائما باله مشغول بالعلاقة، يخاف من أمور صغيرة تهدم العلاقة، يشك في أن شريك حياته قد يكون غير مخلص ودائما يبحث عن الإشارات التّي تدل على ذلك.
  • التعلّق العاطفي المتجنّب: يميّزه مقدّم رعاية قليل أو عديم الاستجابة لقلق الطفل. لا يشجع على البكاء ويشجع على الإستقلالية. ما يدفع هذا الطفل عند نضجه أن يخوض علاقاته بالشكل الذي يجعله يرسل رسائل متناقضة للطرف الآخر- أحيانا يريده ويريد القرب، وأحيانا يبعده ويبحث عن المساحة الشخصيّة,، يقدّر استقلاليّته بشكل كبير، يقلّل من قيمة شريك الحياة (أو شركائه من علاقاته السّابقة)، يستخدم استراتيجيات للتباعد العاطفي أو الجسدي، يشدّد على حدود العلاقة، لديه آراء غير واقعية بشأن العلاقات الملتزمة، لا يثق بالآخرين، يخشى استغلاله من قبل شريك الحياة، لديه قوانين غير ليّنة بالعلاقة خلال النقاش إمّا يدير ظهره ويغادر أو يغضب و"ينفجر"، نواياه ليست واضحة,، لديه صعوبة بالتّواصل بشكل واضح بشأن العلاقة.
  • التعلّق العاطفي غير المنتظم: يميّزه مقدّم رعاية مخيف أو يُصدر سلوكيات مخيفة مثل التدخل، الانسحاب، السلبية، أخطاء في التواصل وسوء المعاملة مع الطفل. ما يخلق في هذا الطفل إنسان، غالبّا يشعر بالخوف والقلق عند تكوين علاقات ملتزمة وحميمة(أي قريبة عاطفيا)، صورته الذّاتية سلبية يتحدث عن ذاته بشكل مضر للغاية (مثلا: أنا غير محبوب، سوف أعيش كل حياتي لوحدي، أنا مكروه، لا قيمة لي…)، غالباً ما يشعر بالوحدة الشّديدة بسبب الرّغبة الشّديدة في الإرتباط والتّواصل الحقيقي مع الطرف الآخر، لكن ردّة فعله التّي يميزُها التّوتر والخوف، المرتبطة بهذه الرّغبة، تجعله يتصرف بشكل غير منتظم، مما يؤدي إلى إبعاد التّواصل المحتمل، من الممكن أن يثق بك الآن ويشك بك الآن ويشك بك فجأة، متعاون بلحظة واحدة ومنسحب بلحظة أخرى، مما يؤدي إلى ابتعاد الطّرف الآخر عنه ويزيد من فرض المعتقدات السّلبية الدّاخلية، أنه غير مرغوب به وغير محبوب.


رسالتي من كل هذا قبل أن تغيّر شريك الحياة، من المهم النّظر إلى داخلك. من السّهل علينا أن نوجّه إصبع اتّهام تجاه شريك الحياة بأنّه السّبب لجميع المشاكل الزوجية. فكل واحد منكما يحمل بجعبته أفكار ومشاعر عليكم الوعي بشأن وجودها والتّعامل معها. لأنه فقط عندها يحدث التّغيير الحقيقي، والسّعي لعلاقة زوجية صحيّة وناجحة أكثر.


اشترك مع منصة تطمين للاستشارات النفسية والأسرية أونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم.


1

مقالات ذات صلة

هل أنا شخصية سامة لمن حولي؟

تتطلب العلاقات الاجتماعية بشكل عام صدقًا وتواصلًا مفتوحًا بين الأشخاص، وبينما يسعى الجميع لإقامة علاقات اجتماعية صحية وإيجابية، يمكن أن يظهر سؤال مهم، هل أنا شخصية سامة لمن حولي؟

11 يناير 2024

الحب والقلوب المهشمة - كيف نمضي قدما بعد انتهاء الحب والانفصال؟

لو قُدِّر لصندوق الرسائل الخاص بي أن يصبح ناطقا، لباح بكثير من شجون,الحب التي تطلق عبره، والأكثر منها آهات الألم التي تعلو بعد توقف ذلك الحب، فذاك لا يستطيع نسيان حبيبته وتلك لا تستطيع مغادرة محطة ما بعد الطلاق، وقصص كثيرة تعج بالزفرات والأوجاع. إن الانفصال في العلاقات كأس يشربه الكثيرون، وأحيانا يكون ألمه أشد من الألم المرافق للوفاة لأنه يتركنا مع شعور بالرفض والخذلان. بالإضافة إلى تدفق الأفكار والذكريات التي تجعلنا أسرى لظل تلك العلاقة.

10 يناير 2024

العلاقات السامة - علامات العلاقة السامة كيف تحددها وتتخلص منها؟

مصطلح العلاقات السامة لا يمكن تصنيفه بالحديث ذلك لوجوده منذ سنوات عديدة، لكنه بات دارجا في عصرنا هذا نظرا لازدياد الوعي في الفترة الحالية حوله مما جعل الحديث يكثر عنه. نطلق على العلاقة الغير صحية بالعلاقة السامة لوجود أنماط غير صحية تؤثر على العلاقة. مثال ذلك: عندما يكون لدى الشريك مشكلة في التعبير عن ذاته أو في التعبير عن مشاعره، عندما يقضي معظم وقته في العمل أو مع أطفاله وينسى شريكه في العلاقة الزوجية. هذه أنماط تعبر عن شريك يمثل علاقة سامة (علاقة توكسيك).,

9 يناير 2024

أهمية الحدود في العلاقات العاطفية والاجتماعية

نعني بالحدود تلك الضوابط والقواعد التي يضعها كلا منا في علاقته مع الآخر في محاولة لإفهامه الطريقة التي يجدر به أن يعاملنا بها. يكون لدينا القدرة على تشكيل ووضع الحدود في العلاقات العاطفية والاجتماعية مع تجربة الاختلاط بالآخر ويأتي ذلك مع الممارسة الحياتية لعلاقاتنا، من المهم أن يدرك كل منا حدوده مع الآخر وأن يدرك الآخر حدوده معك؛ لأن عدم قدرتك على فرض حدودك في علاقاتك الاجتماعية والعاطفية بالضرورة سيعرضك لردود فعل لا تحمد عقباها.

9 يناير 2024

أمور أساسية لخلق علاقة عاطفية صحية

العلاقة العاطفية تمر بمراحل نجدها في بعض الأوقات سعيدة وفي أوقات أخرى مملة، حتى يكون لدينا علاقة عاطفية صحية يجب أن ندرك بأن ذلك طبيعي ونبتعد عن فانتازيا الأفلام التي تظهر الجانب البراق من العلاقة العاطفية.

9 يناير 2024

جميع الحقوق محفوظة. تطمين© 2024

جميع المعلومات الطبّية الواردة في موقع تطمين تهدف لزيادة التوعية الصحّية، ولا تغني عن استشارة الطبيب المختصّ

App StoreGoogle Play

منصة معتمدة من وزارة الصحة السعودية

تطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين