العلاقات
9 يناير 2024
مصطلح العلاقات السامة لا يمكن تصنيفه بالحديث ذلك لوجوده منذ سنوات عديدة، لكنه بات دارجا في عصرنا هذا نظرا لازدياد الوعي في الفترة الحالية حوله مما جعل الحديث يكثر عنه. نطلق على العلاقة الغير صحية بالعلاقة السامة لوجود أنماط غير صحية تؤثر على العلاقة. مثال ذلك: عندما يكون لدى الشريك مشكلة في التعبير عن ذاته أو في التعبير عن مشاعره، عندما يقضي معظم وقته في العمل أو مع أطفاله وينسى شريكه في العلاقة الزوجية. هذه أنماط تعبر عن شريك يمثل علاقة سامة (علاقة توكسيك).
إذ تكون العلاقة سامة عندما يفتقر فيها الأشخاص للتواصل والتفاهم مع بعضهم البعض، من الممكن أن تمر أي علاقة عاطفية بمراحل ويكون إحدى هذه المراحل هو الفتور في العلاقة وهذا شيء طبيعي يمكن أن نجده بين أي زوج وزوجة، ولكن يجب في حينه أن يعلم الأزواج في هذه العلاقة أين يقفون ويجدون طرق لحل هذا الفتور وينتبه الأزواج لهذه الأنماط ويحلوها. لكن عند الحديث عن العلاقة السامة نجد أن هذا الفتور وهذه الأنماط الحادة أكثر وضوحا والصحة النفسية للشريكين تصبح مهددة مما يقود إلى وجود تهديد عاطفي، نفسي، جسدي. بالإضافة لوجود عنف سواء أكان كلامي، عاطفي، أو جسدي ما يصاحبه من غضب، ذل، احتقار، ومحاولة التقليل من مكانة الآخر.
في اللحظة التي تبدأ فيها الصحة النفسية لدى الشريك في الهبوط وأحياناً قد يصل للهبوط الحاد هنا نبدأ بملامسة علامات العلاقة السامة.
دائماً يكون هناك إشارات تنبهنا بوجودنا بعلاقات سامة، لكن الكثير من الشركاء السامين يقومون بهذه الإشارات باسم الحب والفقرات الجميلة. يأخذون الأجزاء الجميلة ويغطون على تلك الإشارات، فالإشارات تكون موجودة لكن لم يتم إعطائها الأهمية ولم نتمكن من الانتباه لها. لذلك ننبهكم لبعض الإشارات التي تمكنكم من الكشف عن العلاقات السامة بحياتنا.
لذلك يجب على الشخص قياس مدى راحته في العلاقة وإذا كانت العلاقة تسمح له بالتعبير عن نفسه، إذا لم يتمكن أيا منا من إدراك هذه العلامات وقياس مدى رضاه وراحته في أي علاقة يخوض بها هذا من شأنه أن يخلق لنا الكثير من الأزمات النفسية. لما تمثله العلاقات السامة من تهديد للصحة النفسية.
من المهم الإشارة إلى أن واحدة من أبرز الشخصيات البارزة في العلاقات السامة هي العلاقة النرجسية لأنها معروفة في استراتيجيتها التي تلجأ إلى الرومانسية، إذ تجعل الطرف الآخر يصدق ويكون في حالة حب، ويستجيب في أمور يعرف أنك تريدها كي يجذبك له، حتى أنه يطلب أن تمضوا في ارتباط رسمي ما بينكم كي يضمن وجودك، لتكشف حينها سقوط القناع عنه ورؤيته على حقيقته والتي يكون فيها أكثر عنفاً. وتستمر العلاقة لأن بدايتها كانت رومانسية وخيالية بشكر كبير، ما يجعلك تتشبث بها لأنهم يبقون على تلك الذكريات ويحاولون إرجاعك إلى المرحلة الاجمل في العلاقة، التي كانت قائمة على استراتيجية النرجسي للإيقاع بك وليست حقيقة. وأحياناً تعود الشخصية النرجسية للرومانسية ليس لأنه تغير إنما لأنه يريد شيء منك وعند تحصيله له يعود إلى ما كان عليه بالسابق.
في حال قرر أي طرف الانفصال والخروج من العلاقة السامة يكون هذا قرار صعب وذلك لعدة أسباب منها:
من المهم أن نكون أقوياء وقادرين على اتخاذ قرار الخروج من العلاقة السامة علاقة توكسيك صحيح أنه سيكون هنالك العديد من الآثار الجانبية لهذا الخروج ولكن علينا ان ندرك أن هذه الآثار ما هي تبعات العلاقة السامة التي كنا نعيش بها. قد يعاني الكثير منا ما بعد الانفصال عن العلاقات السامة من صدمات لأن الأذى العاطفي، الجسدي، النفسي يكون كبير لدرجة أنه سوف يكون اضطرابات نفسية لدينا، لذلك علينا مساعدة أنفسنا أو من حولنا من هم في طريقهم للخروج والتعافي من العلاقة السامة علينا إدراك كيفية التعامل مع ذواتنا أو مع غيرنا وأن نتفهم أن مدة التعافي والشفاء تتطلب الصبر.
ترتب العلاقات السامة العديد من الاضطرابات النفسية لدى الشخص المتأثر من هذه العلاقة والشخص المسبب للاضطراب أي السام وتكون العواقب النفسية وخيمة أكثر على الشخص السام؛ لأنه عادة لا يرى أنه بحاجة إلى علاج نفسي وأنه على حق وأنه لا يفعل أي شيء خاطئ وكل اللوم على الطرف الآخر. فلا يكون هناك احتمال لحدوث تغيير نحو الطرف الإيجابي وهذا الفرق بين العلاقة السامة والعلاقة الغير صحية، فالعلاقة الغير صحية يرى الطرفين أن هناك أمر غير صحي ويقرر الطرفين الذهاب للعلاج النفسي، أما في العلاقات السامة فهناك طرف غير مستعد أن يرى الجزء الخاص به فلن يبحث عن دعم أو مساعدة ويرى أن العلاقة سوف تبقى كما هي.
هناك اعتقاد أنه بالإمكان إصلاح وشفاء الشخص الذي يمارس الأمور السامة، يجب عند التفكير في هذا الأمر أن ندرك بأن هناك فرق بين إعطاء مبررات لتصرفات شريك الحياة وتفسير أسباب تصرفاته السيئة ولكنها ليست مستمرة ودائمة، وبناء عليها آخذ قرار الانفصال أو البقاء. وما بين إعطاء مبررات لشريك يقوم بتصرفات سيئة بشكل مستمر ويبرر لنفسه. في الحقيقة ليس هناك مبرر للعلاقة السامة، إنما هناك تفسيرات لتصرف الشخص بطريقة سيئة. بجميع الأحوال أنت لست مسؤول بأن تكون معالج لشريك حياتك، يمكن أن تكون داعم له كي يساعد نفسه وليس أن تعالجه أنت، يجب أن يكون مقتنع بحاجته للعلاج أيضاً كي يتعالج. أنت عليك فقط أن تكون داعم لشريك الحياة وليس أن تبرر له سلوكياته السامة.
إذا كنت موجود في علاقة سامة والطرف الآخر لا يتحمل مسؤولية أفعاله السامة (توكسيك) بحقك، كما يقوم بتبريرها وغير متقبل لفكرة العلاج النفسي عليك بالآتي:
الأشخاص الذين يتعاملون بطريقة سامة يكونوا غير واعين بأنهم سامين، ولا يوجد لديهم وعي لذاتهم ولا للآخر ويفتقرون للتعاطف مع الآخر، لأنهم لا يتكلمون بلغة المشاعر ولافتقارهم النظر للآخر والوعي لذاتهم وعلاقاتهم.
بعد الانفصال وبسبب العنف العاطفي واللفظي والجسدي الذي يتعرض له كثير من الأشخاص لفترة كبيرة بالإضافة لشعور العجز يدفعهم لصدمة كبيرة، هناك أشخاص يستطيعون الشفاء منها وآخرين يبقون عالقين في المخاوف التي جاءت من هذه العلاقة، مما يجعلهم يعانون من اكتئاب، توتر، اضطرابات نفسية معينة. وتختلف درجة الشعور من شخص لآخر وهذا يعود لطبيعة الشخص ودرجة تعلقه بالشريك، فهناك أشخاص شخصيتهم قوية تجعلهم يتخطون هذه المرحلة وهناك شخصيات أقل قوة، بالإضافة إلى طبيعة الدعم الذي يتلقونه من المحيط وكم هي قادرة على احتوائهم. من الممكن أن يمر الخارج من علاقة سامة في مرحلة اكتئاب وفقدان وإنكار إذ لا يصدق ما حدث معه، وقد يدخل في حالة صدمة ثم إنكار ما حدث معه يتلوها الغضب من ثم المساومة، ليكون لوم النفس والآخر آخر المراحل لكن من المهم أن يعرف أنه يجوز لوم ذاتك لأنك لم تكن تعلم بما يحدث معك، يجب عليك إدراك كل ما سبق حتى تصل لمرحلة التقبل.
علينا قبل الخوض في أي علاقة أيا كانت طبيعتها أن نكون مدركين لذواتنا واحتياجاتها حتى نتمكن من فهم طبيعة الشريك وفهم احتياجاته، وحتى يكون لدينا القدرة على الاختيار وحتى نتجنب الخوض في أي علاقة بوعي زائف يستنزف عواطفنا وقوانا الجسدية والصحية. لذلك نصيحتي تكمن في التأني في اختيار الشريك وعدم الاستهانة في الإشارات التي تكون في فترة التعارف.
حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.
8