الاضطرابات النفسية
8 يناير 2024
من أهم الصفات المميزة للبشرية هي أنهم يولدون برغبة فطرية في الاندماج والحياة وسط مجتمعات، حيث أن الإنسان كائنٌ اجتماعيٌ بطبعه، صحيح أن هناك تفاوت في الرغبة في الانفتاح والاندماج، فمن الناس من تجده شخصًا منفتحًا لديه القدرة على تكوين صداقات ومعارف سريعًا، بينما يفضل البعض القليل من الخلوة، وأن تكون الدائرة القريبة منه منغلقة بعض الشيء، إلا أنه في الحالتين -في الوضع الطبيعي- يجب أن يكون التواصل مع البشر بالنسبة له أمرٌ طبيعيٌ يتم بصورة سلسة وسهلة دون أية تعقيدات، بمعنى أن يتمكن الشخص من التواجد في تجمعات والتواصل مع البشر حتى وإن كان بطبعه يفضل العزلة.
وهذا مخالف تمامًا للرهاب الاجتماعي، فعلى عكس الفطرة، يقلق الفرد الذي يعاني من الرهاب من أي تجمع ويعزف بعيدًا عن أي تواصل عادي مع من حوله مهما زادت درجة قرابته معه، وإليك في سطور هذه المقالة المعلومات الكاملة حول طبيعة الرهاب الاجتماعي وأنواعه، وطرق التشخيص والعلاج الأكثر فاعليةً، وأهم النصائح للتعامل مع المصابين بالرهاب الاجتماعي بشكل إيجابي.
يُعرف الرهاب الاجتماعي على أنه نوع من أنواع اضطرابات القلق الاجتماعي، بمعنى أنه شكل من أشكال الخوف والقلق الشديد والخجل المستمر الذي يشعر به المصاب تجاه المواقف الاجتماعية والتعاملات مع البشر، وغالبا ما يلجأ الشخص إلى تجنب التواجد في التجمعات البشرية والمحاولة المستمرة للانعزال عن الآخرين بقدر الإمكان.
حيث أن مجرد احتمالية التواجد في تجمعات واضطراره للتعامل مع الغير يمكن أن يسبب له الانزعاج الشديد الذي قد يصل في بعض الأحيان إلى ظهور أعراض جسدية غير مريحة على الشخص.
ومن المهم أن نفرق بين القلق والتوتر الطبيعيين في بعض المواقف وبين الرهاب الاجتماعي، إذ من الطبيعي أن يمر كل إنسان بمشاعر من القلق والاضطراب في بعض المواقف اليومية، إلا أن من يعاني من الرهاب يشعر بالقلق بشكل دائم مهما كان الموقف بسيطًا واعتياديًا ومتوقعًا.
على الرغم من أن اضطراب الرهاب يظهر بشكل أساسي في مرحلة المراهقة إلا أنه يمكن أن يظهر عند الأطفال في بعض الأحيان على صورة بكاء شديد، ونوبات غضب عنيفة، والتشبث بالوالدين والخوف من التجمعات العائلية.
وبالتأكيد تُعد تلك الأعراض طبيعية للغاية في سن معين لدى الأطفال، ولكن الأطفال المصابين بالرهاب يمكن تمييزهم بسهولة، حيث أن تلك الأعراض تتواجد لديهم بصورة مبالغ بها مقارنة بأقرانهم، وهنا يجب على الأهل الانتباه والتواصل الفوري مع طبيب نفسي للأطفال لمعرفة الأسباب والبحث عن أفضل طرق للعلاج.
هناك نوعين من الرهاب الاجتماعي، وهما:
لا يمكن أن يتم تشخيص أي اضطراب نفسي دون ظهور بعض الأعراض المحددة على الأفراد والتي تدل على وجود خلل في جوانب معينة.
لذا فهناك بعض المؤشرات التي يمكن أن تظهر على الفرد وتدل على إحتمالية إصابته باضطراب الرهاب الاجتماعي، ومنها الأعراض السلوكية والجسدية والشعورية، بمعنى أن هناك بعض الأعراض التي تظهر على سلوكه وجسده، ويمكن للأهل مثلاً ملاحظتها بسهولة، أو الأعراض الشعورية وهي ما يشعر به المرء داخلياً، وفيما يلي نتناول كل منها بالتفصيل:
وعلى الرغم من أن تلك الأعراض شديدة التأثير على الفرد، إلا أنها تبقى بداخل عقله ومن الممكن ألا يلاحظها أحد، على عكس الأعراض الجسدية التي من السهل ملاحظتها.
تظهر الأعراض الجسدية على المريض رغمًا عنه، ولعل هذا يتسبب في كثير من الأحيان بزيادة نوبات الاضطراب والهلع التي يمكن أن تصيبه في التجمعات، ومن أبرز تلك الأعراض ما يلي:
هذه الأعراض تكون واضحة ويمكن للجميع ملاحظتها بكل تأكيد، فمن منا لا يستطيع رؤية احمرار وجنتي شخص أمامه، لكن تبقى الأعراض السلوكية هي الأخطر في اضطراب الرهاب الاجتماعي.
يرتبط اضطراب الرهاب بشكل أساسي بتعامل الفرد مع غيره من البشر، والذي يكون بشكل أساسي عند التعامل مع الأشخاص الغرباء، وفي بعض الأحيان يتطور للخوف من التواصل مع الأقرباء وزملاء العمل، وهنا يلاحظ الجميع أن ثمة شيء غريب يحدث، من أشهر تلك الأعراض ما يلي:
هناك الكثير من العوامل التي تساهم في الإصابة بالرهاب الاجتماعي ومن أشهرها:
والآن دعنا نسرد الإجابة عن سؤال هام للغاية، وهو كيف يتم التشخيص؟ هل يكفي ظهور أي من تلك الأعراض ولو لمرة واحدة؟ أم لا بد أن تظهر مجتمعة؟ وإليك الإجابة.
تحتاج أغلب الأمراض لظهور أعراضٍ محددةٍ واستمرارها لوقت متواصل لكي يتم تشخيصها، فالعوارض المؤقتة غالبًا تُعد طبيعية ولا تُعتبر مرضًا، وفيما يلي نتناول أهم سبل التشخيص الأكثر فاعلية في مرض الرهاب الاجتماعي.
يجب أن تستمر أعراض الرهاب الاجتماعية والسلوكية لمدة 6 أشهر متواصلة.
كلنا قد يتعرض للاحساس بالضيق من التجمع مع بعض الأفراد، ومن ثم يمكن أن نشعر بالقلق والتوتر والرغبة في الهرب من ذلك الاجتماع، لكن لا نجد تلك المشاعر في التجمعات مع أناس آخرين، ولكن في حالة الرهاب الاجتماعي، لابد وأن يكون الخوف عام وليس تجاه بعض الأشخاص فقط.
بمعنى أن المريض لا يمكنه محاولة تهدئة نفسه بل إن المخاوف تكون أكبر من قدرته على السيطرة عليها ومن المرجح أن يتفاقم خوفه كلما فكر في تقليله والسيطرة عليه.
يمكن أن يشعر الفرد ببعض الخوف عند التعامل مع بعض الأشخاص لأسباب متعددة، لكن مريض الرهاب الاجتماعي يخشى الناس لأن لديه معتقد بأنهم سيفكرون به بشكل سلبي ويحملون عنه معتقدات وأفكار سلبية سواء عن شكله، ملابسه، أفكاره، طريقة حديثه... وهكذا.
ولنفترض جدلاً وجود بعض التعليقات السلبية تجاه المريض من بعض الأشخاص، فمن الطبيعي أن يتجاهل المرء أو على أسوأ التقديرات ممكن أن يتضايق قليلاً ثم يتابع حياته بشكل اعتيادي، لكن مريض الرهاب يشعر بالقلق الشديد والمبالغ فيه تجاه آراء بعض الأشخاص مع عدم وجود أي ضرر حقيقي لتلك الآراء، حيث يتأثر بها لدرجة أنه يمتنع عن التجمعات البشرية.
هناك بعض الاضطرابات والضغوط النفسية التي تجعل المريض يرغب بالانعزال وعدم التواجد في تجمعات مثل رهاب الميادين، اضطراب الهلع، اضطراب تشوه صورة الجسم، لذا لكي يتم التشخيص بالإصابة بالرهاب يجب استبعاد الأمراض الأخرى.
تلك هي العوامل التي يتم بناءً عليها تشخيص مريض الرهاب ولكن، هل تتوقع أن يتدخل الجنس البشري في تحديد نسبة الإصابة؟
وجدت الأبحاث إن ما يقارب 13% من الأشخاص يمكن أن يصابوا بـ اضطراب الرهاب الاجتماعي في فترة ما من حياتهم، فكل 100 شخص يوجد بينهم نسبة من 7-12 شخص من الممكن أن يشخصوا به، خاصة في مرحلة البلوغ، إلا أن نسبة إصابة النساء به أكبر مرة ونصف من نسبة إصابة الرجال.
يُعد اضطراب الرهاب الاجتماعي من الاضطرابات النفسية التي تؤثر على صورة الفرد تجاه نفسه وغالبًا ما تؤدي إلى الإصابة ببعض الاضطرابات النفسية الأخرى مثل الاكتئاب، كما قد ينتج عنها بعض السلوكيات الخطيرة مثل التوجه للإدمان في محاولة الفرد التغلب على الخوف وعن التفكير في صورته أمام البشر وتقليل انشغاله برأي الناس به.
والجدير بالذكر أن الرهاب لا يتراجع من تلقاء نفسه في كثير من الأحيان، بل إنه يحتاج إلى تدخل علاجي من أجل معرفة أسبابه ومن ثم تحديد الطريقة المناسبة لعلاجها، وهنا قد ترتفع نسبة الشفاء والتعافي منه تمامًا، فما هي أساليب العلاج الفعّالة المتبعة في هذا الاضطراب؟
هناك العديد من سبل العلاج التي يتم تحديد المناسب منها لكل حالة حسب رأي الطبيب المختص وتنقسم سبل العلاج إلى:
واحدة من طرق العلاج النفسي بشكل عام والتي تقوم على فكرة تعريض الفرد لمسبب الاضطراب، ومن ثم محاولة مساعدته على التعامل معه ورؤيته بحجمه الحقيقي حتى يجد أن مخاوفه تجاه السبب غير حقيقية وأنه يمكنه بالفعل التعامل معها ومواجهتها.
مثلاً أي شخص مصاب بالرهاب يخشى الحديث أمام الناس ولا يرغب بالتواجد في تجمعات، وهنا العلاج بالصدمة يكون عن طريق تعريض الفرد لمواقف يوجد بها العديد من الأشخاص، سيرهب الفرد من الموقف بالبداية، ويمكن أن يرفض بالتأكيد الفكرة، لكنه إن تواجد مرة بعد مرة فسيجد أن مخاوفه تجاه آراء الناس حوله غير حقيقية، وهنا سيبدأ المشاركة ومن ثم ستبقى محاولات العلاج قائمة إلى أن يتعافى تماما.
تقوم فكرة ذلك العلاج على تصحيح أفكار ومعتقدات الشخص، بمعنى أن الفرد يكون لديه الكثير من المعتقدات والأفكار تجاه نفسه وتجاه الآخرين، ويعتمد العلاج المعرفي السلوكي على تغيير تلك المعتقدات واستبدالها بالمعتقدات الصحيحة، ويقوم العلاج على عدة طرق متوازية مع بعضها البعض، ومنها:
في بعض الحالات قد يرى الطبيب النفسي أنه لابد من تناول الأدوية للتحكم بالحالة، ويعود ذلك لدرجة الرهاب لدى الفرد، حيث يمكن الاعتماد علي:
ونحن نؤكد على ضرورة اللجوء للطبيب أو المعالج النفسي من أجل المعالجة وذلك لتجنب حدوث المضاعفات الخطيرة لاضطراب الرهاب.
شأنه شأن كل الاضطرابات النفسية الأخرى إن لم يتم معالجته فبالتأكيد تزداد الحالة سوءًا ويصبح العلاج أصعب، بالإضافة إلى احتمالية وجود العديد من المضاعفات الخطيرة، والتي يمكن أن تشمل:
ولأن اضطراب الرهاب يحتاج إلى وقت طويل نوعًا ما لكي تتعافى منه نهائيًا، فإننا نقدم لك بعض النصائح التي تساعدك على التعايش مع المرض، لكن تذكر أن تلك النصائح يمكن أن تساعد فقط تزامنًا مع تلقي العلاج المناسب من طبيب، ولا تُعد بديلاً.
تساعدك النصائح التالية على محاولة التعايش بشكل سليم بالتوازي مع العلاج الذي يراه الطبيب مناسبًا للحالة، ومن تلك النصائح:
يُعد الرهاب الاجتماعي من أكثر الاضطرابات النفسية انتشارًا حيث يُصاب به الرجال والنساء وقد يمتد للإطفال، وترجع خطورته لكونه قد يؤثر بشكل مباشر على حياة الفرد الاجتماعية والعملية بالإضافة إلى صورته الداخلية أمام نفسه، لذا فإن البحث عن علاج أمرٌ ضروريٌ للغاية من أجل الحياة بسلام، فهناك الكثير من الطرق التي أصبحت تُجدى نفعًا دون الحاجة للاستعانة بالأدوية، عوضًا عن الكثير من استراتيجيات العلاج بالأدوية التي تطورت كثيرًا وأصبحت أقل في أعراضها الجانبية وأكثر فاعليةً وقدرة على العلاج.
حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية والأسرية.
0