الصحة النفسية
31 ديسمبر 2023
إنه أمر ممتع أن تكون طبيبا نفسانيا. فكما ينبهر المهندس بحقيقة ميكانيكية الدوائر الكهربائية، نكون نحن مهنيو الصحة النفسية فضوليين بشكل كبير حول الدماغ البشري. بم يشعر الناس وماذا تعني هذه المشاعر؛ لم يفعل الناس ما يفعلونه؛ كل هذا يدخل ضمن دائرة اهتمامنا.
في سيرورة القيام بوظائفنا يوما بعد يوم، كثيرا ما نقوم بملاحظة الأنماط المتكررة والصلات التي تعطينا لمحات عن صورة أكبر. نرى أسبابا ومسببات ونطور رؤى، مفاهيم و أفكارا/فرضيات تعطينا حقائق أساسية عن الانسان. أحيانا، تظهر أبحاث دراسية تجعلنا نقول، ‘اها!لقد علمت ذلك!’.
فيما يلي تجدون ما يمكن أن نسميه مبادئ في علم النفس، تعتبر معارف عامة لدى أغلب مهنيي الصحة النفسية. تمت دراستها وإثبات صحتها، وتعتبر معلومات مفيدة بشكل كبيرعلى كل شخص معرفتها.
1- دماغنا يحتوي على استجابة كيميائية مفيدة عندما نرى شخصا نهتم لأمره. هل سبق وشعرت بتوتر خفيف وعدم ارتياح عند حضور مؤتمر أو حفل وأنت تقوم بأحاديث قصيرة مع معارف و غرباء؟ ثم، يدخل الغرفة شخص تعرفه جيدا وتهتم لأمره، وفجأة تحس بارتياح؟ أثبتت الدراسات أنه لحظة وقوع عينيك على شخص تعرفه وتكن له بعض الشعور، يقوم دماغك بإفراز مادة الاوكسيتوسين. والاوكسيتوسين هرمون يقوم بخفض الشعور بالخوف والتوتر، ويزيد من قدرة تواصلك عبر الأعين وشعورك بالثقة و بالحفاوة. (Kai McDonald, 2008.)
النتيجة: ان تكون لديك ارتباطات عاطفية وعلاقات صحية مع الآخرين يزيد من احتمال عيشك لتجربة افراز الاوكسيتوسين في دماغك، ويسبب أيضا نفس الشيء في أدمغة الأشخاص الذين تهتم لأمرهم. إذن استثمار الوقت والجهد في بناء والمحافظة على روابط صحية وقوية مع الأشخاص المتواجدين في حياتنا يمكن أن يساهم في توفير عيش هادئ وصحي لنا جميعا.
2- أكثر المواقف تأثيرا في حياتنا، سواء الجيدة أو السيئة، ليست ناتجة عن الإنجازات الفردية أو الإخفاقات. ترقيات وظيفية، فشل في الامتحانات، raises، خسارات تجارية؛ في دراسة حديثة، لم يتم تقييم أي من الأحداث المذكورة على أنها أكثر الأحداث أهمية في حياتنا. بدلا من ذلك، قام الناس بتقييم بناء العلاقات الإنسانية والانفصال عنها كأهم تجاربهم الحياتية . الوقوع في الحب، الانفصال عن حبيب، اللحظات السعيدة والحزينة مع الأصدقاء والأحباب تفوقت كلها على الإنجازات الفردية والإخفاقات. (Jaremka et al., 2010).
النتيجة: يجب أن نعطي قيمة أقل للتطور الوظيفي والإخفاقات المالية والنجاحات، وأن نعترف بما يهم فعلا؛ الأشخاص المتواجدون في حياتنا.
3- الأشخاص الواعون أكثر صحة وسعادة: دراسة لجامعة براون الأمريكية، قام بها عدة باحثون سنة 2014، بينت أن الأشخاص الأكثر إدراكا لما يفكرون به ويشعرون به في اللحظة (تعريف هؤلاء الباحثين للوعي) لديهم معدل منخفض ل BMI (مؤشر كتلة الجسم)، معدل منخفض لنسبة الكليكوز على معدة فارغة، أقل تدخينا ويظهرون مستوى عاليا من اللياقة الجسمانية.
دراسة أخرى قام بها كيدويل وباحثون آخرون سنة 2014 وجدت أن تعليم الناس الانتباه لعواطفهم ساعدهم على إنقاص الوزن أفضل من تثقيفهم حول علوم التغذية.
تنضاف إلى هذا دراسة أخرى قام بها باحثون على رأسهم Carlson سنة 2014 أظهرت اختلافا فعليا على مستوى الخلايا بين مرضى سرطان الثدي الذين تعلموا وطبقوا تقنيات الوعي والذين لم يفعلوا ذلك. خلال مدة 3 أشهر من تطبيق المرضى للوعي، اصبحوا قادرين على تطويل “التيلوميرات Telomeres”، وهي مركبات بروتينية تشكل أطراف الكروموزومات.
النتيجة: الانتباه لم تشعر به ولماذا تشعر به أمر يستحق المجهود. إنه مهارة، ويمكن تعلمها. الأشخاص الذين يتمتعون بهذه المهارة يكونون أفضل في تدبير انفعالاتهم وفهم احتياجاتهم الجسدية والعاطفية. إنهم أشخاص أصحاء على المستويين الجسدي والنفسي.
4- الإساءة والإهمال النفسيين أثناء الطفولة يعتبران مضرين تماما (أو أكثر) كالاعتداء البدني والجنسي. في دراسة (سبينازولا، 2014) تم تتبع أزيد من 5000 طفل لمدة 12 سنة، أظهرت نتائجها أن الأطفال الذين تعرضوا للإساءة النفسية أو الشفوية أو تم إهمالهم (الإهمال العاطفي للأطفال) أظهروا مستويات مساوية أو أعلى من الاكتئاب، التوتر، ضعف التقدير الذاتي وميولا للانتحار عندما تمت مقارنتهم مع الأطفال الذين تعرضوا للإساءة الجسدية أو الجنسية.
النتيجية: إذا كنت تعاني من التوتر، ضعف التقدير الذاتي، الاكتئاب أو الميول نحو الانتحار، لا تقلل من قوة الإهمال العاطفي أو الإساءة النفسية التي قد تكون تعرضت لها في طفولتك. ليس ضروريا أن تكون قد تعرضت للضرب أو التحرش أثناء طفولتك ليكون لديك معاناة أثناء مرحلة البلوغ. رجاء انتبه أن كل هذه التجارب والآثار يمكن تحسينها بشكل كبير إذا تمت مواجهتها وجها لوجه، خصوصا إذا كنت تبحث عن المساعدة كلما احتجت لها.
الكاتب: Dr. Jonice Webb
المصور: Andibreit
0