العائلة والأطفال

العلاقة بين الوالدين والطفل - ما تأثيرها على العلاقة الزوجية

6 يناير 2024

نوع العلاقة التي يعيشها الطفل مع والديه في صغره سوف يعود هو ذاته ليظهر في علاقاته كبالغ، خصوصا في علاقته الزوجية.

لهذا، قبل أن تلتزم في العلاقة مع شريك حياتك، انظر إلى نوع علاقاته مع من حوله. قد تكون علاقتكم مختلفة في تلك اللحظة، مما يدفعك للامتناع عن المقارنة والتشبث بفكرة تميزك بالنسبة لشريكك وبتميز علاقتكم. لكن في المستقبل غالبا ما سوف ترى بينكما نفس أنواع علاقته مع من حوله - تماما كما سوف تلاحظ أنك تقوم بذات الشيء وتضيف للعلاقة نفس أنواع علاقاتك السابقة.

القدرات الشخصية التي تتطور في مرحلة الطفولة 

هناك ثلاث قدرات شخصية تتطور في مرحلة الطفولة وتؤثر على نوع العلاقات في البلوغ:

الملاحظة العاطفية العميقة (Insight):

وهي قدرة الإنسان على فهم مشاعره وما يدور في باله، وقدرة تقصي مصدرهم وسببهم. بالإضافة إلى قدرته على فهم مشاعر وأفكار الآخر وسببهم (المشاعر الحالية أو التي يمكن أن تنتج إذا حصل أمر ما). يكتسب الطفل هذه القدرة التي تتطور معه بعد أن يستطيع والديه فهم مشاعره وأفكاره الموجودة ما وراء تصرفاته ومشاركته بها. وذلك بالإضافة إلى مشاركة والديه له بمشاعرهم وأفكارهم بطريقة ملائمة للواقع ولعمره.

القدرة على “قراءة الذات والآخر” ضرورية جدا في تكون العلاقات البشرية بأنواعها في البلوغ، لكنها على ما يبدو الأكثر ضرورة في العلاقات المكثفة كالوالدية والزواج.


مثلا، تحتاج الأم أن تملك قدرة فهم المشاعر والدوافع وراء عدم رغبة ابنها في كتابة واجباته المدرسية (هل هو مرهق؟ يشعر بالملل؟ هل يشعر بالخوف من هذه الواجبات أو بعدم الكفاءة؟). الأم التي تملك قدرة الملاحظة العميقة سوف تسأل طفلها عن مشاعره، وسوف تضع له الاحتمالات الممكنة لمشاعره، ليرى أنها تحاول أن تفهمه وأن تبحث في مكنونات نفسه، كما أنها سوف تشاركه بمشاعر البلبلة والخوف أو الغضب الموجودين بداخلها حين لا يقوم بواجباته المدرسية.

حصول هذا الامر (أو عدم حصوله) في العلاقة بين الوالدين و الطفل سوف يقرر إذا كان هذا الطفل حين يصبح بالغا ويتزوج، سيهتم بما يدور داخل زوجته، ويستطيع محادثتها والاهتمام بمشاعرها. أو إن كانت الزوجة ستفهم أن زوجها لا يرغب بالخروج من المنزل لأنه مرهق وليس لأنه لا يهتم بها.

قدرة “الأخذ والعطاء” (Mutuality):

وهي قدرة الشخص على التفكير في الحاجات والمشاعر في داخله وفي داخل غيره، والحفاظ على توازن بينهما. اكتساب هذه القدرة يبدأ حين يلبي الوالدان حاجات طفلهما العاطفية، ومع إنهائه للسنة الأولى من عمره يبدآن بمشاركته بأن لحاجتهما مكان أيضا (وضع الحدود والقدرة على الامتناع عن تلبية جميع طلباته - كأكل مفرط للحلويات مثلا، أو كالسهر واللعب لساعة متأخرة).


الطفل يتعلم أن العلاقة عبارة عن أخذ وعطاء وحقوق وواجبات. هو يتعلم أن يطلب، لأنه يثق أن طلباته تلقى آذانا صاغية، ويتعلم أن يلبي الطلبات كي يحافظ على التواصل العاطفي مع الآخر. في هذه المرحلة تتكون انفرادية الطفل، وهو يعلم أن هو ووالديه أشخاص مستقلون، حاجاتهم قد تختلف، وهم لا يملكون قدرة “قراءة الأفكار والتنبؤ بالحاجات” لهذا عليهم أن يتواصلوا كلاميا.


الطفل الذي لم يجتز هذه المرحلة بسلام في طفولته، قد يعاني في البلوغ من مشاكل في علاقاته الزوجية. مثلا، قد تتوقع الزوجة من زوجها أن يخمن حاجاتها منه دون أن تطلب منه وتوضح له حاجاتها كلاميا. أو قد نرى الزوج الذي لا يحسب أن هناك مكانا لحاجات زوجته، ويطلب منها دائما أن تتأقلم مع حاجاته.

قدرة الضبط والتنظيم العاطفي (Emotional Regulation):

وهي القدرة على التجاوب مع الواقع وإظهار العاطفة بطريقة لينة ومقبولة اجتماعيا من أجل منع ردود فعل عفوية وصاخبة أو لتأجيل ردة الفعل لوقت آخر. الطفل الصغير لا يملك قدرة ضبط النفس والتنظيم العاطفي في طفولته، وهو يحتاج للاحتواء من والديه ولتحكمهم بذواتهم أمامه كي يكتسب هذه القدرة.


حين يصرخ ويبكي الطفل الصغير دون أن يفهم والده سبب صراخه، هو لا يرد عليه بالصراخ، بل يحضنه ويكلمه ويحاول أن يفهم سبب صراخه وأن يقدم له المساعدة. في هذه الحالة يتعلم الطفل قدرة ضبط النفس من والده، وحين يكبر يستطيع ضبط مشاعره والتعبير عنها بطرق تواصل ناضجة أكثر. في بلوغه يستطيع هذا الطفل أن يخبر زوجته أنه يشعر بالغضب وأن يخبرها الأسباب، دون أن تتفاقم المشكلة لتودي بكليهما لتصرفات مؤذية للطرف الآخر.

هذه القدرات ضرورية جدا لجميع العلاقات الإنسانية، وهي ضرورية بشكل خاص للوالدية والعلاقة الزوجية التي هي أكثر العلاقات كثافة. بالنسبة للتطور الإنساني هناك دائما أمل، والصراعات برغم صعوبتها هي فرصة جديدة للنضوج. لهذا ربما ما لم يتم في العلاقة الأولية مع الوالدين، فرصته الثانية في العلاقة الزوجية وتربية الأطفال.

اشترك مع منصة تطمين للاستشارات النفسية اونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم للاشتراك من هنا مجاناً.


0

مقالات ذات صلة

كيف تتعافى من آثار تربية الوالدين النرجسيين؟

منذ اللحظة التي يولد فيها الطفل، تصبح صحته الجسدية والنفسية أحد أهم أولويات الآباء، ويحرص معظمهم على تقديم كل ما يحتاجه طفلهم، ولكن في بعض الحالات قد ينشأ الأطفال بين آباء نرجسيين.

12 يناير 2024

علاج الخوف عند الاطفال واحتواء مشاعرهم

علاج الخوف عند الاطفال هو ما يهم كل أم تحب طفلها وتسعى لحمايته من المشكلات والاضطرابات النفسية، فعلى الرغم من أن مشاعر الخوف والقلق تعتبر طبيعية وفطرية عند الأطفال، إلا أنه يجب الحذر من زيادتها عن الحد حتى لا تتفاقم وتصبح مشكلة نفسية وتتسبب في معاناة الطفل من الرهاب الاجتماعي أو الاكتئاب والقلق فيما بعد.

12 يناير 2024

الطلاق و الأطفال - نصائح لتربية الأطفال بعد الطلاق

فترة الطلاق هي فترة صعبة وضاغطة لجميع الأطراف من الممكن أن تستمر لسنوات أو مدى الحياة، كل ما على الوالدين فعله خلال فترة الطلاق بالحد الأدنى الترفع عن الحقد والضغينة وتقبل الواقع الحالي على أنه الواقع الأحسن لجميع الأطراف، وبذلك يعتاد الجميع على التغيير بأقل الأضرار الممكنة.

9 يناير 2024

كيف يمكن تربية الاطفال بعد الطلاق ١٤ نصيحة

للأسف، في أحيان كثيرة لا يشفع الاشتداد في الحب لامتداد العلاقة، والتي يمكن أن تنتهي في أي وقت، وتصبح عبارات من قبيل "معا حتى يفرقنا الموت" منتهية الصلاحية.

9 يناير 2024

العلاج بالفن للأطفال

يتم تحديد مكانة الطفل في المجتمع على أساس حقه القانوني في الحصول على العناية الصحية، التربية السليمة، الحماية، وكذلك العلاج، وإذا ما جئنا للحديث عن العلاج بالفنون، فإنه لمن الجدير بالذكربأن الرموز، الألوان، "الخرابيش"، والرسومات (المتطورة مع تطور الجيل)، هي مكوّنات أساسية في عالم الطفل، كما وتشكل الفنون عامة لغة إضافية بالنسبة للطفل، لغة رمزية غير كلامية، ووسيلة اتصال بديلة، والتي من خلالها يمكن له,التعبير عن نفسه، عن مشاعره,وأحاسيسه، عن عالمه الخاص، مخاوفه وأحلامه.. بصورة عفوية سلسة بسيطة وغير مركبة.

7 يناير 2024

تنشئة الاطفال - مهارات الوالدين اللازمة لتنشئة طفل سوي نفسيا

عندما نمتلك جهازًا ثمينًا، نعتني كثيرًا بكيفية معاملته حتى يحافظ على جودته وبما أن أولادنا أغلى وأعز من أي جهاز أو سيارة فيجدر بنا أن نتعلم المهارات اللازمة لتنشئتهم بأحسن صورة وكي لا تكون تجربتنا كأطفال بحلوها ومرها مصدر الإلهام الوحيد لتنشئة اطفالنا.,

7 يناير 2024

جميع الحقوق محفوظة. تطمين© 2024

جميع المعلومات الطبّية الواردة في موقع تطمين تهدف لزيادة التوعية الصحّية، ولا تغني عن استشارة الطبيب المختصّ

App StoreGoogle Play

منصة معتمدة من وزارة الصحة السعودية

تطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين
تطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمينتطمين