تطوير الذات
9 يناير 2024
كيف نستطيع فهم مصطلح القبول؟ دعونا نعود بذلك إلى علاقة الإنسان مع الطبيعة، فما زالت علاقتنا مع الطبيعة يغلب عليها طابع القبول فمثلا عندما ترى البحر، الأزهار، أو الغروب، يكون موقفك منه موقف قبول وإعجاب لا يوجد نقد لهذه الظواهر، فنحن ننظر إلى هذه الأجزاء من الطبيعة، ونقبلها كما هي ونطور موقف إعجاب منها، وهذا يمنحنا راحة نفسية ومع أن الطبيعة ليست دائما جميلة، فهنالك بحر هائج، زلازل، براكين وغيرها من الظواهر الطبيعية، مع هذا نحن نقبل الطبيعة ولا نناقشها بل نجد طرق للتكيف معها لحمايتنا من أخطارها.
نحن جزء من الطبيعة ومثلما أن الطبيعة ليست كاملة نحن لسنا كاملين، فالموقف الذي يجب أن يتخذه الإنسان أمام نفسه هو أن يقبل نفسه ككائن غير كامل لديه نواقص، وعندما يقبل نفسه ككائن غير كامل لديه نواقص يبدأ التغيير والتطوير للتغلب على هذه النواقص، مثال ذلك شخص خجول إذا كان ينكر خجله ويستحي منه سوف يزداد خجله، ومن الممكن أن يتحول إلى عصبية، بينما إذا تقبل خجله كصفة سوف يتغلب عليها، لا يوجد شخص كامل وعندما نتقبل أنفسنا ككائن غير كامل، سوف نتمكن من معالجة وتغيير وتطوير النقص الذي لدينا.
هنالك مثل يقول: "كلما حاولت أن تكون من لست أنت بقيت على حالك" هذا المثل صحيح، إذ لكي تتغير يجب أن تقبل نفسك على حقيقتك بإيجابياتك وسلبياتك، ليكون هناك إمكانية لتغيير والتغلب على النواقص.
وهذا ينطبق أيضا في التعامل مع الآخر سواء كان الاهل، الزوج، الأبناء وتعاملنا مع سائر الاخرين، البشر في هذا العصر لديهم ردود فعل ناقدة ولا يقبلوا الإنسان كما هو كإنسان غير كامل، وهذا يكون ضار في العلاقات المقربة والمتواصلة كعلاقة الأهل والأبناء، لأن نتيجة الموقف الناقد الذي لا يوجد فيه قبول للبنت أو الابن كما هو يتسبب في جعل الولد مزيف يسعى لإرضاء الاخرين أو يختبئ أو يبتعد عن الأهل، وبذلك يفقد الأهل السيطرة على اطفالهم.
على الأهل تقبل أطفالهم كما هم بمعطياتهم الموروثة والمتعلمة السلبية والإيجابية، الأهل يستطيعوا أن يناقشوا أطفالهم ويتكلمون عن توقعاتهم ويوجهونهم، لكن إن تطلب الأمر انتقادهم فيجب أن يكون هذا النقد في إطار قبول عام للولد، وأن يشعر أنه مرضي عنه لكي ينمو بشكل سليم وصحي.
حب الأهل لأطفالهم يكون حقيقي عندما يرون إيجابيات أطفالهم ويعترفون بها، والعلاقة بينهم تكون مبنية على أمور إيجابية. أما الأمور السلبية يستطيع الأهل التعليق عليها وأن يوجهوا أبنائهم فيها، لكن يبقى للطفل حق القبول أو الرفض لأنه سيد نفسه، حتى لو كان صغيرا، فيجب أن لا يتعامل مع الرأي كأمر بل كموقف يمكن مناقشته والتفكير فيه، لذلك يجب أن تكون آلية التعامل مع الأطفال خاصة المراهقين، قائمة على أن يقول الأهل لأبنائهم رأيهم وما هو متوقع، ثم أن يضيف جملة فكر بما أقول اختر المناسب، إذ بمجرد إعطاء هذا الحق للمراهق يصبح لديه ميول للتعاطي بجدية مع رأي الأهل وأخذ ما يناسبه من رأي الاهل.
كذلك الأمر فيما يتعلق بالعلاقات الحميمية ، إذ يجب أن يتوفر القبول في العلاقات الزوجية، لأن العلاقة الزوجية تكون في البداية مبنية على الإعجاب والحب من قبل الطرفين، لكن يكون تحت هذا أجندة مخفية وكل واحد منهم يريد أن يغير الآخر لتصبح العلاقة مبنية على الإنتقاد، فيصبح هنالك توتر أو لا تصبح العلاقة حقيقية، فزوج يظهر ما يريده الآخر فقط، العلاقة الزوجية الصحيحة تكون مبنية على قبول الآخر كما هو.
مصطلح القبول هو مصطلح مهم ولكي نتخذ هذا الموقف، يجب أن نعمل على أنفسنا كثيرا لأننا تعرضنا للانتقاد ونحن أطفال وصقلنا حسب توقعات الآخرين، فيصبح لدينا استجابة لتوقعات الآخرين ويصبح لدينا توقعات منهم، بالإضافة لموقف ناقد من الأشخاص الآخرين خاصة الذين يتواجدون في حياتنا بشكل يومي، ولكي ننتقل لمرحلة القبول يجب أن نعمل على أنفسنا، في البداية يجب أن نتقبل أنفسنا ككائنات غير كاملة، ونعترف في نواقصنا وندرس كيفية تغييرها.
اشترك مع منصة تطمين للاستشارات النفسية والأسرية أونلاين احصل على إرشادات من خلال برامج للمساعدة الذاتية او قم بالتحدث مع أفضل أخصائي العلاج النفسي، بما يشمل مختصين من المجال الاجتماعي، الزوجي، الاسري وغيرهم.
0