الاضطرابات النفسية
8 يناير 2024
يعد الفصام من أصعب الأمراض النفسية التي تتطلب فهم واضح له ولأعراضه ليكون لدينا القدرة على محاصرته، وإدراك كيفية التعامل مع المصاب به وعلاجه. يختلط الأمر عند الكثيرين الذين يعتبرون الفصام هو ذاته انفصام الشخصية أو من يصنفون الفصام كنوع من أنواع الجنون. للجزم بكل ذلك نطرح لكم هذا المقال الذي يبحث في أسباب الفصام، أعراضه، أنواعه، علاجه. والإجابة على إن كان الفصام مرض عقلي أم نفسي؟ وما الفرق بين الفصام والانفصام؟
نتيجة انعدام الوعي لدى غالبية الناس نجد أنه يتساوى عند الكثيرين لفظ الجنون مع الأمراض العقلية وهذا خطأ فادح؛ لأن كلمة الجنون ليس لها دلالة طبية واضحة، ولا يوجد أي مرض في الطب النفسي والعقلي يسمى بالجنون. فالجنون كلمة عامة لا تعني سوى اضطراب في السلوك والتفكير بعيدا عن المألوف في تقاليد المجتمع. لذلك هناك بعض المجتمعات التي تعتبر الجنون قريبا من العبقرية، والبعض الآخر تحمي هؤلاء الأفراد وتعتبرهم ذوي لمسة مقدسة تستحق الاحترام، والبعض الآخر ينبذهم لأنهم من اتباع الشياطين وتحوم حولهم الأروام الشريرة، وفي مجتمعات أخرى يوضع هؤلاء في السجون أو يعالجون في المستشفيات. لذلك يجب أن نتخلص من هذه الكلمة عند المناقشة العلمية للأمراض الذهانية.
تعرف اكثر على أعراض الفصام في هذا المقال.
طبيعية علميا لم يتم تحديد السبب المباشر وراء الإصابة بالفصام، ولكن يمكن القول أن توافر مجموعة من العوامل الوراثية، العضوية، والبيئية قد تمثل سببا للإصابة بالفصام. منها:
يصنف الفصام من الأمراض الذهانية العقلية المزمنة تنعكس أعراضه على طريقة تفكير المصاب وسلوكه. كون الفصام من الأمراض الذهانية فهذا يدفع المصاب إلى اختلاق أفكار وشخصيات، لا تمت للواقع بصلة وتصنف على أنها هلاوس وأوهام. لكنه إما أن يتعايش معها أو أن يفكر بأنها تتآمر عليه أو أنه ملاحق من قبل أحدهم. يحدث هذا نتيجة عدم قدرة المريض على التفرقة بين الأفكار التي يخلقها بسبب الفصام، وبين ما يحدث على أرض الواقع.
يترتب على ذلك أن يشكل الفصام أحد الاضطرابات النفسية التي تعمل على إعاقة سير حياة المريض؛ نتيجة الهلاوس والأرقام التي تلاحقه وتحتل تفكيره وتجعله عير قادر على أداء واجباته اليومية والتفاعل مع أفراد محيطه.
مصطلح الفصام قد استخدم للدلالة على عدد معين من المجموعات الفرعية من الاختلالات، إننا نقر حاليا بأن التصنيف الواحد قد استخدم للتعريف بأكثر من نوع لأنه أكثر سهولة، لا لأن الضرورة العملية تفضي بذلك. لذلك نجد أن من المحتمل أن يكون هناك أنواعا أخرى بحيث تصبح تسمية الفصام دالة على تشابه الأعراض من غير أن يطغى ذلك بالضرورة على تشابه أسباب المرض. والواقع أن هناك أدلة على وجود نوعين من الفصام هما:
وقد انشق عن ذلك التمييز بين النوعين نظرية مؤداها أن العملية الفصامية أو الفصام التطوري، يمثل النمط التقليدي للفصام أي مرض وراثي عضوي يبدأ بداية خفيفة ثم يظل يستفحل ويستفحل في اتجاه التدهور. على حين أن النوع الاستجابي من الفصام قد يكون مرضا مختلفا تماما وليس خصوصيا وذلك بسبب بدايته المفاجئة الحادة، أعراضه المحدودة، واستجابته الطيبة للعلاج. وإلى أن نتوصل إلى نظام أكثر فائدة لا بد لنا من مواصلة ضم الطائفتين من المرضى على أساس اشتراكهم في الأعراض.
وهناك اليوم أنماط مختلفة من الاختلالات التي تندرج تحت الاختلالات الفعلية لأنواع الفصام وهي:
قد نسب إلى كريلين Kraeplin الفضل في أنه كان أول من جمع الاختلالات الفصامية معا علی أساس ادراكه لخاصية مشتركة بينهم وهي الجنون بعد التدهور المتزايد، وقد ميز بين الأنواع الثلاثة السابقة. جاء فيما بعد اقتراح بلوير bleuler بأن يضاف النوع البسيط إلى الأنواع الثلاثة السابقة، وقد مال لمصطلح الجنون مبكر dementia praecox.
يستخدم بلوير demetia للدلالة على التدهور العقلي و Praecox للدلالة على ظهوره في سن مبكرة. وكان بلوير لا يؤمن بأن الجنون المبكر يؤدي بالضرورة إلى الجنون، ويدعو إلى أن هذا المرض يتميز أساسا بانفصام الشخصية، وبناء على اقتراحه حل مصطلح schizophrenia الجديد - schiz .منعي يقسم أو يشطر ثم phren (العقل اليونانية) محل تسمية كريلين القديمة.
مع الأسف يتطلب علاج مرض الفصام خطة علاجية لمدى الحياة دون توقف حتى، وإن وجد تحسن ملحوظ على الأعراض. كما يفضل أن يتزامن كل من العلاج بالأدوية وجلسات العلاج النفسي، في الخطة العلاجية للمريض للتخفيف من حدة الأعراض. هناك بعض الحالات التي تكون حدة الأعراض عالية مما يستدعي ضرورة أن يتلقى المريض العلاج من داخل المشفى.
يعطى العلاج بالأدوية الأولوية في حالة الفصام يهدف من خلالها الطبيب إلى التخفيف من حدة الأعراض، يعتمد الطبيب على إعطاء الأدوية المضادة للذهان على جرعات مختلفة لتحقيق نتيجة أفضل. وعندما يكون هناك مقاومة من المريض لرفض تلقي العلاج، أو كون الدواء يرتب آثارا جانبية لذلك يتجنب تلقيه، يعمد الأطباء في هذه الحالة إلى إعطاء الدواء بواسطة الحقن بدلا من الأقراص.
أما فيما يتعلق بالعلاج النفسي يفضل أن يخضع المريض لجلسات العلاج النفسي بواسطة طبيب نفسي مختص بالأمراض الذهانية أو متمرسا في علاج حالات الفصام، نظرا لصعوبة وخصوصية مرض الفصام الذي يتطلب التخصص في علاجه.
في الختام، يعد الفصام بمختلف أنواعه من أخطر الاضطرابات السيكياترية الرئيسية، فإن نسبة ۳۰ - ۳۲% ممن يقبلون بالمستشفيات العقلية يتم تشخيصهم بالفصام. الفصام من شأنه أن يثير الاهتمام لأنه قد يبدأ مبكرا جدا في حياة المرء أي خلال العشرينات من العمر في معظم الأحيان، وقد يظل مستعصيا على الشفاء طوال ما تبقى من حياة المريض. أما الحقيقة المزعجة حقا هو طول فترة الإقامة بالمستشفى من أجل علاج الفصام والتي تبلغ ١٣عاما، وهي فترة تساوي الفترة التي يحكم بها على مرتكبي الجرائم الكبرى.
على الرغم من أن معدل من يقبلون بالمستشفيات من الفصاميين إلى المقبولين من كافة الأنواع تبلغ الخمس، إلا أننا نجد أن نصف المرضى في مستشفى الأمراض العقلية في أي وقت من الأوقات يكونون من الفصاميين؛ وذلك بسبب ميل هؤلاء المرضى إلى التجمع والتراكم نظرا لمعدل الشفاء البطيء. كما أن الفصام يعتبر عبء باهظ على كل من المريض نفسه والمجتمع، ومعدلات الإصابة بالفصام على فداحتها لا تمثل تماما ما تتعرض له الإنسانية من خسارة، وما يلحق لكرامة الإنسان من اتضاع.
0