الصحة النفسية

كيف أتخلص من الحساسية المفرطة؟

12 يناير 2024

من الطبيعي أن نتعامل مع المواقف والأحداث بحساسية ونتأثر من أصغر التصرفات المحيطة بنا، لكن أحيانًا قد تزيد الأمور عن حدها، وتتحول من حساسية عادية موجودة عند الجميع إلى فرط حساسية يؤثر على حياتك وتعاملك مع غيرك وعلى أدق تفاصيل حياتك اليومية.


كيف تعلم أنك مفرط الحساسية؟

يشكل الأشخاص الذين لديهم حساسية عالية نحو 20% من مجمل السكان، والشخص المفرط الحساسية هو من لديه حساسية مفرطة في جهازه العصبي المركزي تجاه المواقف العاطفية والاجتماعية والجسدية، وكونك شخص مفرط الحساسية لا يعني أن لديك مرضًا نفسيًا بل إنها صفة شخصية تشير إلى أنك حساس بشكل زائد حول الأحداث الإيجابية والسلبية في حياتك.

 يختلف نوع الحساسية من شخص لآخر فأحدهم يتأثر بشكل زائد بالجمال سواء في الفن أو الطبيعة أو جمال الروح أو إعلان جميل، أو الشعور بالإرهاق من الازدحام الصاخب أو الأضواء الساطعة أو الملابس غير المريحة، أو الشعور بالحاجة لأخذ استراحة من كل شيء خاصة عندما تمر بأيام عصيبة فتشعر أنك بحاجة إلى الدخول إلى غرفة مظلمة هادئة.


ما أسباب الحساسية المفرطة؟

من أسباب تطور الحساسية المفرطة لديك هو نقص العاطفة من الأهل في الطفولة، والتعرض إلى مواقف تزعجك في المراحل المبكرة من الحياة، كما يؤدي التعرض لصدمة في الصغر إلى تطوير فرط حساسية لديك مع العمر.

 أكدت دراسة (2011.Lardinois) أن الصدمات في الطفولة تؤثر على نفسية الشخص في المستقبل وتزيد حساسيته للتوتر، بالإضافة إلى دور الجينات في تطوير حساسية مفرطة لديك، إذ يمكن وراثتها عن الأهل، أي هناك فرصة أكبر لتطوير هذه الصفة إذا كان يمتلكها أحد أفراد أسرتك، وهكذا نجد أن الحساسية المفرطة تعتمد على العديد من العوامل مثل: البيئة المحيطة بالشخص والجينات وتجارب الطفولة، كما أنها تزيد نسبة البقاء على قيد الحياة لأن الأشخاص ذوي الحساسية العالية يتوخون الحذر كثيرًا من أي خطر يتعرضون له، لكن من ناحية أخرى فإن الحذر الدائم في حال عدم وجود سبب منطقي له يقودك إلى الإصابة بالقلق.

يخلط الأفراد عادة بين الحساسية المفرطة وبعض الحالات الأخرى التي قد يختبرونها مثل:

  1. الانطوائية تشبه الحساسية الزائدة فكلاهما يسبب لك القلق والتوتر عند التعرض لظروف معينة، إلا أن الانطوائيين ينزعجون من الظروف الاجتماعية بشكل رئيسي مثل: الحشود الكبيرة و الحفلات، أما الأشخاص الذين لديهم حساسية مفرطة فبالإضافة إلى ما سبق فإنهم يتأثرون بالإضاءة الساطعة والموسيقى الصاخبة.
  2. التوحُّد الذي يخلط الكثيرون بينه وبين الحساسية المفرطة، لكن الفرق بينهما أن المصاب بالتوحد قد يكون مفرط الحساسية أو قليل الحساسية في المواقف التي يتعرض لها، إذ أثبتت دراسة (Robertsort.2013) وجود علاقة بين التوحد والحساسية، إذ يرتبط التوحد بزيادة الحساسية أو نقصها عند التعرض للمحرضات الحسية المختلفة.
  3. اضطراب نقص أو فرط الانتباه الذي يتشارك مع الحساسية الزائدة بالكثير من النقاط ما عدا أن من يعانون من هذا الاضطراب يظهرون أعراض أخرى إلى جانب فرط الحساسية مثل: نقص القدرة على الانتباه والتركيز.

كيف تؤثر الحساسية المفرطة على حياتك؟

تؤثر الحساسية المفرطة على جوانب مختلفة من حياتك، فقد تجد نفسك تتأثر بسرعة في اللحظات العاطفية الجميلة مثل: البكاء عند مشاهدة مقطع فيديو جميل، أو تميل إلى تقديم الكثير من الاهتمام لمن حولك وتكوين علاقات قوية مع الآخرين كونك تدعم من تحب وتساندهم، ومن ناحية إيجابية فإنك تقدر أبسط النعم في حياتك مثل: وجبة طعام لذيذة أو أغنية جميلة، فبالرغم من أنك قد تشعر بالقلق الدائم إلا أنك غالبًا ما تكون ممتنًّا للحياة التي تعيشها، وشعورك بالحماس حيال أبسط الأمور يقوي علاقاتك بالآخرين ويرضي مشاعرك.


كيف تتغلب على الحساسية المفرطة؟

هناك العديد من الطرق التي تساعدك على تقليل حساسيتك الزائدة والسيطرة عليها مثل:


  • إغلاق هاتفك قبل ساعة أو ساعتين من موعد نومك وقم ببعض النشاطات التي تشعرك بالاسترخاء كالقراءة مثلًا. كما عليك وضع روتين صباحي لتبدأ نهارك بهدوء مثل: تخصيص نحو نصف ساعة للتأمل أو ممارسة اليوغا أو قراءة مجلة.
  • تحديد المواقف التي تثير الحساسية الزائدة داخلك مثل: الضجيج أو الإضاءة الساطعة ومحاولة الابتعاد عنها قدر الإمكان، حيث يمكنك مشاهدة أفلام هادئة وتجنب أوقات الذروة للذهاب إلى المطعم، أو استخدام سماعات عازلة للضجيج والاستماع إلى موسيقى هادئة.
  • تأكد من أريحية البيئة التي تعمل بها، فإذا كان مكان عملك يعرضك لضغوط كثيرة وتوتر مستمر، فإن ذلك لن يؤثر على نفسيتك فحسب بل قد يسبب لك مشاكل صحية مثل: قرحات معدية أو اضطرابات في الهضم أو مشاكل في النوم؛ لذا حاول تغيير مكان عملك إذا شعرت بذلك، فبالرغم من صعوبة هذا القرار إلا أنك ستكون ممتن لاتخاذه لاحقًا.
  • انظر إلى الناحية الإيجابية لامتلاك هذه الصفة، فبالرغم من أنك قد ترغب أحيانًا بألا تتأثر بانتقادات الآخرين بسهولة أو الضجيج أو غيره إذ أن ذلك يشعرك بالضعف والخجل والإحراج، لكن من ناحية أخرى الحساسية المفرطة تجعل منك إنسانًا مخلصًا ومبدعًا ويحب الفن ويقدّره.
  • خذ استراحة من وقت لآخر واقضِ بعض الوقت وحدك في الطبيعة أو في مكان هادئ ترتاح فيه وتسترخي، أو مارس اليوغا أو الرياضة، وبذلك تعود إلى حياتك بطاقة أفضل وحماس للاستمرار والإبداع، إذ يساعد التأمل بحسب دراسة (Hebert.2016) في تحسين صحتك النفسية ونوعية الحياة، ويزيد الوعي لضرورة الاهتمام بجسدك، ويحسن قدرتك على التركيز وينظم المشاعر، يمكنك أن تفعل ذلك مرة في الشهر أو عدة مرات في الأسبوع.
  • ابتعد عمّا يزعجك، فإذا كنت تنزعج من صوت زميلك المرتفع خلال حديثه على الهاتف أخبره بذلك واطلب منه بلطف أن يخفض صوته ويتحدث بهدوء، وفي حال كانت تزعجك طريقة حديث أحدهم معك واجهه بذلك واطلب منه أن يتحدث معك بشكل أفضل، لكن انتبه أن تكون لبقًا معه فلا داعي لتكون فظًّا.

اطلب المساعدة إذا شعرت أنك لا تستطيع التغلب على حساسيتك وحدك، ويمكنك التواصل مع معالجك النفسي عبر تطبيق تطمين لمساعدتك على تطوير الطرق المناسبة للتعامل مع الحساسية الزائدة وتسخيرها لتحقيق أهداف إيجابية.


حمل تطبيق تطمين استشارات نفسية وأسرية أونلاين من تطمين من خلال أبل ستور أو قوقل بلاي وقم أيضا بالتسجيل في موقع الصحة النفسية تطمين للحصول على معلومات قيمة وأدوات عملية لتعزيز صحتك النفسية.



الدراسات

·    Lardinois M. Childhood trauma and increased stress sensitivity psychosis. Acta Psychiatr Scand.2011;123(1):28-35

·    Robertson A.E. The relationship between sensory sensitivity and autistic traits in the general population. J Autism Dev Disord.2013;43(4):774-84

·    Hebert K.R. The association between sensory processing styles and mindfulness. British Journal of Occupational Therapy.2016



0

مقالات ذات صلة

هل أنا شخص انطوائي؟

جميعنا نشعر أحيانًا برغبة في الانعزال عن العالم المحيط بنا والابتعاد عن الجميع لتخفيف الضغوط التي نعاني منها، ويعتبر هذا التصرف طبيعيًا، فنحن جميعًا نحتاج لوقت مع ذاتنا بين الفترة والأخرى لمراجعة الأحداث المهمة التي جرت في الماضي والتخطيط للمستقبل، لكن الرغبة في الانعزال والانطواء من الممكن أن تزداد بشكل كبير عند بعض الأشخاص بشكل يدفعهم للهروب الدائم من مواجهة الآخرين ويؤثر على كافة تفاصيل حياتهم.

12 يناير 2024

الشعور بالنقص

الشعور بالنقص أو الدونية هي مشاعر طبيعية يعاني منها الكثير من الناس، يعتبرها الاطباء أمراً صحيًا إذا تسببت هذه المشاعر في توجه الشخص نحو تطوير ذاته ومهاراته وعلاج مشكلاته، لكنها تتحول لمشكلة تستحق العلاج إذا أصبح الشخص كارهًا لغيره وظهرت عليه ميولاً عدوانية وتخريبية، حيث يتحول لشخص حزين مكتئب يرفض نجاح الآخرين ويحاول عرقلتهم لأنه يشعر أنه أقل منهم.

12 يناير 2024

الشعور بالضيق والاكتئاب بدون سبب

الشعور بالضيق والاكتئاب بدون سبب عبارة عن مشاعر سلبية تهاجمك فجأة وتسبب اضطرابات نفسية ومزاجية حادة إما أن تكون مؤقتة تنتهي بانتهاء المسبب لها أو تستمر لفترة طويلة لتتحول لاكتئاب شديد، إذن فإن التقرير التالي مُعد خصيصًا لإلقاء الضوء على هذه المشكلة المتكررة للتعرف على أسبابها وكيفية علاجها للوقاية من أعراض جانبية يمكن أن تنتج عنها.

12 يناير 2024

كيف يمكنك التعامل مع فقدان الشغف والاهتمام؟

من الطبيعي أن نشعر في بعض الأحيان بالملل وفقدان الشغف تجاه النشاطات التي اعتدنا القيام بها، لكن الأمر قد يتطور في أحيان أخرى لحالة عامة من فقدان الشغف والاهتمام بشكل يؤثر على نوعية الحياة والعلاقات الشخصية والاجتماعية.

12 يناير 2024

لماذا أشعر بالحزن بلا سبب؟

لماذا أشعر بالحزن بلا سبب؟ هذا سؤال محير، فالحزن بطبيعته له أسباب واضحة في حالات كثيرة، لكن هناك حالات يشعر فيها الإنسان بالحزن وقد يصل لحد البكاء والاكتئاب لكن بدون سبب واضح، وقد يظل يفكر ويبحث عن الأسباب التي أدت به إلى هذه الحالة ليصل في النهاية أنه لا يوجد سبب مباشر لمشاعره الحزينة ويظن أن حزنه بلا سبب وبكائه بلا هدف، مما قد يعقد المشكلة ويفقده الثقة في نفسه وفي أحاسيسه، لكن علم النفس له رأي آخر في تفسير هذه الحالة النفسية شديدة الحساسية وهذا ما سوف يوضحه المقال التالي.

12 يناير 2024

جميع الحقوق محفوظة. تطمين© 2024

جميع المعلومات الطبّية الواردة في موقع تطمين تهدف لزيادة التوعية الصحّية، ولا تغني عن استشارة الطبيب المختصّ

App StoreGoogle Play

منصة معتمدة من وزارة الصحة السعودية

تطمين
تطمين